تماما كما يحدث عندما يحول الانتهازي الشعار النبيل إلى قارب سريع يركب به الموجة ويوصله إلى بر أمان يزاود من خلاله على أولئك الذين لايزالون يصارعون العاصفة ويمنعون تمزق الأشرعة.
فما الذي يفيده قانون المصارحة ومبدأ الشفافية, إذا ما طبق على أصحاب السوابق, الملوثة أيديهم أو أرواحهم والمثقلة ضمائرهم كما جيوبهم?
ستتبخر جدوى المبدأ, وتتحول اللعبة المستترة المحافظة على الحد الأدنى من الحياء إلى لعبة مكشوفة, فوق الطاولة, فيزول آخر حد من السترة طالما أن المعاصي موفورة.
على هذا الحامل الفكري والأخلاقي الهام, تمحور الجزء الأول من مسرحية (ديبلو ماسيون) لغسان مسعود.. فعبر التنافس على مهمة إلى الشام لإعلام الزوج بوفاة زوجته, تنكشف الأوراق وترفع الستارة عن ماض مشين للرجال الستة, ليتصالح الجميع على مبدأ أهم من المحاسبة, ألا وهو اقتسام الغنائم ولو كانت جيفة!
ولأن العرض هنا يتقاطع مع مرجعياتنا المعرفية والواقعية, فقد التقط الجمهور القفشات اللماحة وصاداها بضحك من القلب, كما عندما يدعي أحدهم بأنه ليس بالحرامي فتزعق الموسيقا وتتداعى نغماتها, تماما كما عندما يشخر الشركاء عندما يدعي آخر ان ثروته من حر ماله.. أيضا, لا تفوت الجمهور الدلالة البشرية ما بين رجال ونساء ولا أقول هنا دلالة إنسانية لمزرعة غزلان وقرود.
لكن وما أن وصل الوفد إلى دمشق, حتى انقلبت التقنية من التبئير إلى نفخ اللحظة, حتى كاد غلافها أن يتمزق.
ومن أسف, ان هذا الانقلاب التقني, قد رافقه مأزق أخلاقي يناقض ما تقدم من العمل, إذ يعلن الزوج العصامي انه قاتل زوجته بسبب فقره وشرفه.. وكان الأجدى ان يقول: إنني عصامي, لكنني لست مسؤولا عن موت زوجتي, بل هي المؤسسات الرسمية الجوفاء التي نعاها العرض عبر استخدام ساخر لأغان صارت طواطم, لأنها التعبير الفني عن هياكل رسمية.
(ديبلوماسيون) عرض نادر آخر يتواضع باتجاه أنبل هدف, ألا وهو الإمتاع, ولا يخبىء جهامة الفشل خلف ادعاء الجدية.