غير أن المشكلة في عطلة اليومين بالنسبة للمدارس, لا تتمثل في مدى الحفاظ على الحصص الدرسية فقط, ولكن هناك هم كبير يقاسيه طلبة المدارس يومياً, ولا سيما التلاميذ الصغار, في مرحلة التعليم الأساسي, وقد استطاعت (الطبيعة) في هذه الأيام, بنهارها القصير, وببردها, وأمطارها, وثلوجها, أن تفرز الكثير من المعاناة, والكثير من القلق, لا بل والجوع.. وضيق الوقت.. بالإضافة إلى الظلمة البشعة..!.
فخلال شهر رمضان المبارك كان هناك تقصير لزمن الحصة ولزمن الفرصة أيضا, فيستمر الدوام حتى الساعة الرابعة بعد الظهر, أو بالأحرى الرابعة مساءً, وكان الوضع مقبولا إلى حد ما حيث ينصرف التلاميذ قبل حلول الليل..
ولكن تفاجأت المدارس بعد عيد الفطر مباشرة بما آلت إليه الأمور,حيث يستمر الدوام حتى الساعة الخامسة والثلث ليلاً, حتى إن تقليص الدوام ثلث ساعة منذ يومين ببلاغٍ وصل المدارس, لم يسعف الوضع, لأن الانصراف عند الساعة الخامسة ليلاً, بقي يتسبب بالخوف من العتمة الموحشة عند التلاميذ الصغار.. إنهم أطفال.. ونعتقد أن السيد وزير التربية, والسادة أعضاء مجلس الشعب, ملتصقون جيدا بواقع التلاميذ والطلبة, وبواقع الشعب, ولاشك بأنهم - أمام ذلك- يدركون أن الكثير من أبناء الشعب, وبالتالي الكثير من أبنائهم الطلبة والتلاميذ, لا يستطيعون أن يستفيدوا - كما يجب- من خدمات النقل, فالسيارات الفارهة التي يمتلكها أولياء التلاميذ.. قد تكون منشغلة أو معطلة,.. أو قد تكون محركاتها جامدة من هذا البرد القارس, فليس صحيحا الاعتقاد بأن جميع الطلاب والتلاميذ الصغار, تكون السيارات بانتظارهم ليلاً كي تنقلهم من أمام المدرسة إلى البيت..!.. ما يعني أن آلاف الطلاب والتلاميذ, ولا سيما في الأرياف, هم أمام مشوار ليلي قد يطول كثيرا من المدرسة إلى البيت .. ومشيا على الأقدام.. وبالأمس سمعت بطفلة صغيرة تاهت عن منزلها ليلاً, رغم أنه من المنازل القريبة, ولم تصل البيت إلا بعد أكثر من نصف ساعة على الانصراف, وكانت الكهرباء مقطوعة, فخاف أهلها وقلقوا كثيراً.. ووقتما وصلت إلى البيت كانت باكية.. وقالت لأمها: عتم عتم.. ياماما عتم..!.
أعتقد أن هناك الآلاف من أمثال هذه الطفلة.. وقد لا تمضي الأمور هكذا من غير مخاطر لا تحمد عقباها..
الأنكى من ذلك أن التيار الكهربائي في مثل هذه الأجواء العاصفة والماطرة ينقطع كثيرا, وإن صادف انقطاعه أثناء الحصة الأخيرة, فإن التلاميذ يخافون ويضحكون بوقت واحد, لأنهم لا يرون اللوح, ولكن البعض لا تثيره نكتة اختفاء اللوح, فيأخذون بالبكاء من البرد.. فلا تدفئة في كل المدارس لمعلومكم .. ومن الجوع ... إذ لا ندوة في كل المدارس تبيع السندويش أيضا..!.
المسألة تحتاج إلى حل.. وعطلة اليومين عبء غليظ على المدارس وليس من الوجدان بشيء أن يستمر الوضع هكذا ويمكن مبدئيا إلغاء حصص الرياضة مثلا.. فالذي يحب الرياضة فليلعب وحده.. أو إلغاء الحصة السادسة في المدارس جميعا.. أو العودة إلى نمط الدوام في رمضان.. أما الحل الأفضل والأجدى فيتمثل بإلغاء هذه العطلة التي لا معنى لها, والاكتفاء بعطلة يوم الجمعة.