من خلال النهج الذي اتخذته الحكومة وتضمنه برنامج الإصلاح الاقتصادي والإداري ,وخاصة ما يتعلق بالتعديلات التي تناولت القطاعين المالي والمصرفي وتطور في أسعار الصرف وأنظمة تداول العملة وتعديل مهام بعض المؤسسات المعنية مثل مجلس النقد, التسليف وغيرها ..
من هنا وجدنا أن ملامح هذا التغيير ونتائجه بدأت تظهر على أرض الواقع وتنعكس إيجابيا في مختلف القطاعات ,حيث راح القطاع الخاص يلعب دورا أوسع واشمل عما كان عليه في السابق ,وخاصة في مجالات التصنيع والتسويق والتجارة مستفيدا من إلغاء المزيد من القيود التجارية والإدارية التي كانت مفروضة على التجارة ومنح بعض التسهيلات المحفزة للاستثمارات.
ورغم إن عجلة النمو الاقتصادي بدأت بالتحرك نحو الأمام إلا أن ذلك يتم ببطء شديد, ومازال أمامنا الكثير من الخطوات الاساسية الواجب تنفيذها واتباعها للوصول الى الانسجام والتوافق الكامل مع المتغيرات الإقليمية والدولية. وهذا ما تؤكده الاستحقاقات المطلوبة للدخول في تلك الإتفاقيات الدولية التي حولت العالم الى تكتلات اقتصادية عملاقة..!
من هنا نجد لزاما علينا الاستجابة السريعة لهذه المتغيرات وتوفير المستلزمات الموضوعية للانخراط في هذه الاتفاقيات التي أخذت تؤطر اقتصادات الدول الموقعة عليها .
واليوم نحن أمام تحرير كامل للسلع والمنتجات العربية من كافة القيود الجمركية التي كانت مفروضة عليها من قبل ,وذلك تطبيقا للمرحلة النهائية من اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي تعتبر نافذة بشكل تام مع بداية العام القادم 2005 .. وقريبا سيتم التوقيع أيضا على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بعد الوصول الى المراحل الأخيرة والنهائية من المفاوضات, وبذلك تنضم سورية الى جانب 12 دولة متوسطية وقعت اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي , والذي سيؤدي بالنهاية الى إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم حيث ستضم 40 دولة وأكثر من 800 مليون نسمة ..
وتحاول سورية ايضا الدخول الى اتفاقية منظمة التجارة العالمية بعد تقدمها بطلب للانضمام الى المنظمة ,حيث يعد الفريق المختص الذي سيتابع مراحل التفاوض والانضمام كل المستلزمات والشروط المطلوبة لذلك ..!
أمام هذه المتغيرات المتسارعة بات من الضروري التفكير جديا بتوفير البنية المنسجمة والمتوافقة مع هذه المتغيرات ,وخاصة إننا قد بدأنا ذلك منذ اعتمادنا لنظام التعرفة الجمركية المنسقة, ومازال أمامنا الكثير لانه لا يعقل أن تفكر بالدخول في هكذا اتفاقيات ولدينا قائمة سلبية تضم أكثر من 15 صفحة من المواد والسلع الممنوع استيرادها والمحصورة والمقيدة , والتي تسمى بالقائمة السلبية, أضيف إلى أن هناك الكثير من القوانين والأنظمة النافذة التي لابد من تعديلها أو إلغائها لتكون أكثر انسجاما مع الواقع الاقتصادي الجديد..!!
فهل نستطيع تحقيق هذا التوازن قبل فوات الأوان ?!