تنادى الأدباء والكتاب والمفكرون والباحثون والشعراء.. فتوافدوا جميعا من شمال إفريقيا حتى العراق وفلسطين, أقول توافدوا إلى دمشق قلب العرب الذي لايزال ينبض بالحلم العربي الوحدوي.. ولاتزال شرايينه تهرع بالدم إلى كل من يناديه.. فيعانقه أو يلجأ إليه.
وكان للمؤتمر هوامش إيجابية كثيرة ليس أولها اللقاءات الحميمة بين الكتاب وقد باعدت بينهم الظروف وطال المزار.. بل في تبادل الأفكار والمناقشات حول الواقع الفكري والثقافي والإبداعي في الوطن العربي ككل.. وكانت بالتالي تلك الهوامش الصحفية والإعلامية التي أضاءت وجوهاً.. وأنارت طرقاً.. وحملت أفكارا وآراء لسائر الوطن العربي من خليجه إلى محيطه.
زمن ليس بالقصير ذلك الذي مضى بين لقاء ولقاء, علما بأن هذه اللقاءات أكثر من ضرورية لكي تنصهر المواقف.. كل المواقف في بوتقة واحدة هي التصدي للهجوم الشرس على ثقافتنا وحضارتنا.. وكأننا شعوب بدائية أو هنود حمر.. أو أن علينا أن نرفع مشاعل جديدة ونبدأ من نقطة الصفر.
ويسألني صحفي من الأهرام من بين سلسلة من اللقاءات الصحفية: ما هو رأيك في أن الرواية العربية هي ديوان العرب بعد أن كان الشعر كذلك? وأجيب على أسئلته الكثيرة مطولا.. لكنني إذ أتوقف عند الرواية النسوية تكون وقفتي مختصرة أو مبتسرة, فما هي هذه الرواية النسائية إن لم تكن تاريخا أقوى من التاريخ, والمرأة هي بذرة المجتمع وشجرة الحياة فيه وفروعه وأغصانه وثماره التي أصبحت تقطر بالدماء? هل الرواية النسائية هي ما تكتبه المرأة أم هي (الانفجارات الأنثوية) كما أطلق عليها أنا شخصيا? وهل كل هموم المرأة تحوم حول الرجل والحب والجنس والفراق واللقاء.. وما بينهما أو دونهما من شرائع السماء?
أما ذاك الذي سألني من مجلة عربية ماذا يعني لي التكريم فأنا أقول: هناك فارق بين التكريم والتكريس.. نحن نكرم من أسسوا ومن ساهموا.. ومن يرصدون وينقشون في الكتب وعلى أمواج الأثير.. وكل من ساهم في الحركة الإبداعية والفكرية.. لكننا لسنا في زمن التكريس.. فكل منا كما هو مستهدف ومقصود كفنان وإنسان.. هو مسؤول عما يجري في هذا الزمن المشهود. والذين كرسنا لهم لابد أنهم تركوا كنوزا ثمينة ومفيدة, لكننا بحاجة إلى كل الطاقات والإمكانيات.. بحاجة إلى الذين يتواجدون معنا أكثر من الذين مضوا عنا.. بحاجة إلى الأجيال الجديدة لتشرب من تلك الينابيع.. ولتقبض على تلك الكنوز.. ولكي تتابع المسيرة دون خوف أو حيرة.