ويقابل ذلك النمو تراجع في دخل الفرد في مقارنة مع تونس التي كان عدد سكانها مساوياً لعدد السكان لدينا في عام 1960 نجده الآن يبلغ عشرة ملايين نسمة.
ولكن تراجع نصيب الفرد لدينا إلى 1080 دولاراً ليشكل بذلك 21% من وسطي دخل الفرد في العالم و55% من وسطي دخل الفرد في الدول المتوسطة النمو, وهنا لا بد من الإشارة إلى أن سورية كانت تصنف بين الدول المتوسطة النمو على الصعيد العالمي.
ورغم تراجع النمو السكاني في سورية إلا أنه بقي في العامين الأخيرين 2,45% وجاء النمو متفاوتاً بين محافظة وأخرى, فبلغ المعدل العام للنمو 2,7 ما بين عامي 1995-2000 وتوزع حسب إحصاءات سجلات الأحوال المدنية في الرقة 5,4% وفي درعا ودير الزور 4,5% وفي دمشق 2,1% وفي طرطوس 2,6%, إن بقاء النمو السكاني على حاله يعني انضمام نحو نصف مليون مولود سنوياً إلى سكان سورية, وهذا العدد يرتب أعباء في القطاعات الصحية والتعليمية والخدمية, إضافة إلى أن دخول سوق العمل سنويا نحو 200 ألف شاب يتطلب توفير أموال طائلة لتأمين فرص العمل.. فهل هذا متاح?
يبدو ضغط المشكلة السكانية جلياً على الموارد الطبيعية خاصة إذا علمنا أن عدد سكان سورية المتوقع في عام 2025 أي بعد عقدين سيبلغ, في حال بقي النمو كما هو عليه الحال في عام ,2000 نحو 30 مليوناً في حال تدنى النمو سيبلغ 26,6 مليوناً وفي كلا الحالتين ينذر بمشكلة سكانية معقدة قد تخفف المعالجات الموضوعية من آثارها السلبية ولكن لن تلغيها..
وتتوزع الخطوات المطلوبة إلى مسارين, فالأول يجب أن يركز على تبسيط إجراءات دخول استثمارات جديدة وتوفير المحفزات لإقامتها في المناطق النائية وزيادة المحفزات بازدياد عدد فرص العمل التي يوفرها المشروع.
أما المسار الثاني فيطال الجانب الاجتماعي وتحديداً دعم برامج تنظيم الأسرة المنفذة على الصعيد الرسمي من قبل وزارة الصحة والوزارات المعنية, وعلى الصعيد الشعبي من قبل الاتحاد العام النسائي والمنظمات الشعبية المختلفة, وعلى الصعيد الأهلي من قبل جمعية تنظ¯يم الأسرة.
ولا بد أن تستند برامج تنظيم الأسرة إلى الإرث الثقافي والأخلاقي لدينا, والأهم من ذلك الاعتماد على الشرائع السماوية التي راعت هذه المسألة, وبالمقابل التشدد بتطبيق سن الزواج ومعالجة مسألة التسرب من التعليم الأساسي خاصة بالنسبة للفتيات, فتعليم المرأة وتمكينها اقتصادياً لابد وأن يساهم بتعزيز دورها في اتخاذ القرار.
إن بناء أسرة ناجحة يستدعي توفر ملاءة مادية تكفل تأمين مستلزمات الحياة المتنامية إضافة لإشراك المرأة الفاعل إن على صعيد اتخاذ القرار الإنجابي أو على صعيد المساهمة في عملية التنمية المتكاملة.