دار الحديث في هذا الإطار مراراً وتكراراً حول استخدامات الأرصفة, فالاعتداء على حقوق المشاة يبدو أنه أصبح جزءاً من الحياة اليومية وفي جميع المدن, ونعلم أنها وجدت لتشكل صمام أمان من أخطار السير التي تؤدي إلى نتائج محزنة يحصد ثمنها الكثيرون.
ربما هذه الظاهرة تزداد حدتها في دمشق بسبب الضغط السكاني وحركة المركبات الكثيفة, فالشيء الملفت للنظر أن الأرصفة أينما اتجهت موجودة, ولكن في أغلب الأحيان المواطن لا يستطيع السير عليها, فقد أضحت مشغولة, فأصحاب المحال التجارية يعتبرون الرصيف جزءاً من محالهم لعرض بضاعتهم, والميكانيكي يعتبر الرصيف مكاناً ليضع عليه عدته, وبائع الزهور يفرش وروده على امتداد الرصيف, ناهيك عن الباعة الجوالين الذين يفترشون الأرصفة كيفما اتجهت.
بالمحصلة يتحول الرصيف إلى محال تجارية متحركة, وترى أشكال البضائع المختلفة منها المحلي ومنها المهرب, مما يضطر المواطن للسير في الشارع هرباً من هذه المظاهر, أو بسبب شعوره بأنه ربما يسير في مكان غير مخصص له.
مناظر مؤسفة بعيدة عن روح الحضارة, فالأرصفة مليئة بالسيارات, وعليك أن تقفز فوقها إن شئت, إذا تولد لديك الإصرار بالسير على الرصيف, إشغالات الأرصفة لابد من إيجاد حل لها, حددت محافظة دمشق مؤخراً مواقع مجانية للباعة الجوالين, وأكدت أنه سيتم قمع الإشغالات غير النظامية, وبدأت بخطوات عملية في هذا الإطار, ولكن السؤال: ما البدائل حتى لا تعود هذه الإشغالات إلى الظهور? فقد يكون عبر إيجاد حلول عملية يألفها المواطن في تسوقه الخضار والفواكه, وغيرها بعيداً عن لغة العربات الجوالة في الشوارع والتي تجرها ذوات الأربع والتي تخلق في بعض الأحيان -وخصوصاً في الأحياء الشعبية- مشكلة وبالمحصلة إرباكاً حقيقياً للمركبات.
بكل الظروف.. المعالجة مطلوبة لهذا الواقع, وفي كافة مدننا الرئيسية حرصاً على المظهر العام, وخصوصاً في أشهر الصيف, حيث حركة السياحة تزداد وتيرتها, وهذا يتم عبر المتابعة الجدية وتضافر الجهود في هذا الإطار, فالتعدي على حقوق المشاة أصبح واضحاً, والجميع يرى ويراقب هذه الحالات, وكأن الأمر لا يعني أحداً.
يمكن القول: إن الحوادث المرورية وإشكاليات المرور سببها الضغط في شوارعنا, ولابد من إيجاد ضبط لهذه التعديات, لأنها تشكل منغصات وحالة إرباك للسائق, الذي عليه التحلي بمهارات فائقة لتحاشي الأفراد الذين يسيرون في الشارع, وهذا يؤدي إلى عرقلة حقيقية ويعرض حياة المواطن للخطر المؤكد.
علينا القول: إن الأرصفة وجدت أصلاً لتضمن حياة المشاة من أخطار المركبات, ولابد من التشدد بالإجراءات الرادعة لمن يشغل الأرصفة, ويشوه منظر المدن, ويحولها إلى زحمة مخيفة في مختلف الأوقات.