فبدلاً من أن تحاول هذه الإدارة الضغط على إسرائيل لوقف جرائمها ضد الشعب العربي الفلسطيني وإلزامها باحترام القانون الدولي وإجبارها على التوقف عن بناء المزيد من المستوطنات ذهبت بالاتجاه المعاكس, أي الإقرار بحاجة إسرائيل لهذا التوسع الاستيطاني بحجة ما أطلقت عليه ب¯(النمو الطبيعي) المزعوم متنكراً للنمو الفلسطيني فوق أرضه وترابه الوطني.
قد يقول البعض بأن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش هي بأمس الحاجة اليوم إلى أصوات الناخبين اليهود داخل الولايات المتحدة وأنها بحاجة إلى دعم اللوبي الصهيوني وشركاته ورموزه وأمواله وآلته الإعلامية الأخطبوطية وخصوصاً مع بدء العد التنازلي لانتخابات الرئاسة, ولذلك فهي تحابي إسرائيل وتعطيها الآن أكثر مما تتوقع هي نفسها منها, لكن السؤال الذي يلقي بظلاله على هذه الفرضية هو: متى كانت هذه الإدارة أكثر إنصافاً وعدلاً في تعاطيها مع كل قضايا الصراع العربي - الإسرائيلي?!
فهل طلبت يوماً من حكومة شارون أن تفكك المستوطنات وترحل سكانها لأنها غير شرعية ولا تنسجم حتى مع بنود (خارطة الطريق) التي أعدتها هي قبل غيرها?! وهل ضغطت مرة واحدة - وفي وقت لم تكن فيه انتخابات أميركية - لإجبار إسرائيل على تنفيذ قرار واحد صادر عن المنظمات الدولية?!
بالتأكيد هي لم تفعل ذلك البتة, بل على النقيض من ذلك كانت دائماً تتستر على إسرائيل, سواء أكانت هناك انتخابات أم لم تكن, وكانت دائماً تختلق لها الأعذار وتتغاضى عن جرائمها وسياساتها المناهضة للشرعية الدولية, وتقلب الحقائق والوقائع فتجعل المقاومة الفلسطينية إرهاباً والإرهاب الإسرائيلي مقاومة, وتسوغ كل انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
إن طريقة التعاطي الأميركي تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي هي التي شجعت إسرائيل على وأد عملية السلام ونسفت أي محاولة للعودة إلى المفاوضات, وذلك فإن الادعاء بالحرص الأميركي على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ليس إلا ذراً للرماد في العيون, لأن من يتبجح بالدفاع عن حقوق الإنسان والغيرة على القانون الدولي ويبشر بالعدالة والمساواة لا يدافع عن بناء المزيد من المستوطنات التي تشكل مخالفة لأبسط قواعد القانون الدولي.