فالمسألة ليست كما حاول الرئيس جورج بوش تسويقها بالقول: إنها مجموعة تفاحات فاسدة تجري محاكمتها. وهو ما أشار إليه المرشح الديمقراطي جون كيري عندما طالب رامسفيلد بالاستقالة قائلاً: نعرف جميعاً معنى سلسلة القيادة ومعنى المسؤولية, ويجب ألا يدفع الجندي البسيط وحده الثمن.
المسألة بوضوح أكبر, هي في القرار المروع الذي اتخذته مجموعة اليمين المتصهين في الإدارة الأميركية بشن الحرب واحتلال العراق.
ذرائع الغزو تهاوت واحدة إثر أخرى كأوراق الخريف, ولم يتبق ورقة واحدة ليستر بها رموز الإدارة عوراتهم.
فأسلحة الدمار الشامل لم يعثر عليها - والديمقراطية الموعودة وأدها المحتلون - ورائحة الموت والدمار تفوح من جميع أنحاء العراق, وجرائم التعذيب تزكم الأنوف بنتانتها وقذارتها.
فهل تحويل العراق إلى سجن كبير ينقذ إدارة بوش من ورطتها?! أم المضي قدماً في المغامرة العسكرية المكلفة مادياً وبشرياً ضد شعب يتوق للحرية والتقدم هو السبيل لجعل أميركا أكثر أمناً?!
الحقائق على الأرض تتحدث عن نفسها, وهي تجبر المحتلين على إعادة حساباتهم, ورغم أن رموز الإدارة الأميركية ما زالوا يصمون آذانهم عن سماع الأصوات المرتفعة من أنحاء العالم ومن الولايات المتحدة نفسها مطالبة بالانسحاب من العراق وترك العراقيين ليقرروا مستقبلهم بأنفسهم.
نقول: رغم ذلك, فإن تجربة واشنطن في فيتنام تتكرر بطريقة أو بأخرى في العراق اليوم, وهي تبرهن أن البون الشاسع بين الأميركيين وإدارتهم يتسع, ليأتي الوقت ليعترف المسؤولون الأميركيون أن قرار شن الحرب خطأ فادح وأن الثمن باهظ.