السؤال هل كان أحد من العرب يعتقد بأن أميركا وإسرائيل ستتصرفان خلافاً لأفعالهما العدوانية حتى يكتفي بالتعبير عن الغضب والتحذير من عواقب السياسات الأميركية والإسرائيلية?!
فإذا كان الوضع كذلك, فالأمر في خطر كبير, ويحتاج إلى إعادة النظر بالذهنية والعقلية العربية, ولاسيما أن العرب لهم تجارب كبيرة مع الاحتلال ومقاومته. أما إذا كان السبب هو العجز عن مواجهة ما يتهدد الدول العربية من مخاطر, فالمفروض عليهم أن يعملوا على دعم القوى والتيارات التي أخذت على عاتقها تحمل عبء مواجهة الاحتلال, ودرء الأخطار في فلسطين والعراق.
فرغم الاستخدام الواسع للقوة العسكرية في العراق وفلسطين من قبل القوات المحتلة, صمدت المقاومة, واستطاعت أن تكشف للعالم بأن إسرائيل لا تريد السلام وأن أميركا احتلت العراق كقوة غازية طامعة وليست محررة, جاءت لتبقى فيه وتتحكم بموارده وخاصة النفطية منها.
فالمقاومة العراقية للاحتلال مثلها مثل المقاومة في فلسطين نهضت ونمت لدوافع وطنية نبيلة تتمحور في الدفاع عن وطنها وشرف شعبها وتحرير أرضها ومواجهة المخططات الأميركية لتفكيك بلادها وإضعافها, وبما أن خيارها هذا يندرج في إطار القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة التي تمنح الشعوب الرازحة تحت الاحتلال حق مقاومته بشتى الطرق والأساليب المتوفرة, فالعرب جميعاً مطالبون بدعم هذه المقاومة, كما على الحكومات العربية ألا تنساق وراء الاتهامات الموجهة للمقاومتين الفلسطينية والعراقية لأغراض تصب في خدمة الاحتلالين, بل مطالبة بالعمل على حمايتهما سياسياً على أقل تقدير في ضوء عجزها عن تقديم الدعم اللازم لهما.
فما يحدث في النجف وباقي المدن العراقية يثبت بأن الاحتلال لا يريد صوتاً غير صوته, ويأتي رفضه لجميع الحلول السلمية التي طرحت لإنهاء أزمة النجف سواء الدولية منها والمحلية في سياق مخططاته, لفرض إرادته وسلطته, وليس سعياً للحفاظ على الأمن والسيادة العراقية كما تروج أبواقه الإعلامية.
فمن الخطأ الاستراتيجي الكبير أن يستمر التعاطي الرسمي العربي مع المقاومتين العراقية والفلسطينية بهذا الشكل, لما يرتبه ذلك من خطر جسيم على خط الدفاع الذي يمثلانه بوجه ما يخطط للمنطقة أميركياً وصهيونياً.