أو لفئة.. أو لظاهرة.. على المستوى العربي, ولا على المستوى الدولي, ولا بنت موقفها على طارىء.. ولا على تحول مستجد, وإنما انحازت, وستنحاز إلى الخيارات القومية, والتوجهات الاستراتيجية , وقد وضعت في أولوية ثوابتها الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي وتداعياته, والالتزامات المتوجبة عليه وإزاءه, وفي مقدمتها المقاومة الوطنية.
وفي النهج.. والممارسة... والأداء السياسي لم تفرض سورية رأياً على أحد على المستوى القومي, بقدر ما كانت تفرد رؤيتها الاستراتيجية أمام الأشقاء -وما خابت تقديراتها يوماً- وتدعو إلى وحدة الرأي والكلمة والموقف إدراكاً منها بخطورة الأوضاع السائدة, سواء في فلسطين أم العراق, أو لجهة الضغوط المبرمجة, التي تهدف فيما تهدف إلى شرذمة العرب وتشتيت رؤيتهم وبعثرة رؤاهم, لعل في مناخ الشرذمة إذا ما توفر, استراحة للاحتلال مما يعانيه, وفرصة لكسب الأرباح بعد أن مني بخسائر بشرية ومادية هائلة.
فالمنطقة تتعرض لأخطار تتجاوز الخطر الصهيوني وتصب في خدمته, وشعارات الحريات والديمقراطيات وإغراءات التنمية الاقتصادية التي تتحدث عنها الولايات المتحدة الأميركية, لا تنفصل في زمن الخلط المتعمد عن الأخطار, وهي جزء منها بالأهداف.. وبالتوقيت.
وليس من المبالغة القول إنه من قبيل العمى السياسي أن لا يرى العرب, وتحديداً المعنيون في الصراع, والقريبون منه والمدافعون عن الحقوق والأرض, والمتمسكون بخيار المقاومة, ما يُخطط لهذه المنطقة, وتحديداً الاستهداف المعلن الذي تتعرض له, سوريةولبنان.
ومن الطبيعي... لا بل من الواجب أن تتحصن سورية ولبنان ببعضهما بعضاً وبشعبهما وبإمكاناتهما, وأن يتجنب الجميع كل ما من شأنه إضعاف هذا التحصين, وتلافي كل ما يسبب التأثير على الوحدة الوطنية, والتمترس خلف الثوابت التي رسمها المسار الواحد والمصير الواحد, والقيام بكل الخطوات اللازمة التي من شأنها تجنيب البلدين أو أيٍّ منهما أي هزة, ولو فلوكلورية أو شكلية تصيب الوجدان الشعبي العام, الذي أجمع على ضرورة حماية الوحدة الوطنية, والتمسك بخيار المقاومة والتنسيق التام في مختلف المجالات, للوقوف في وجه الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المنطقة, والتي تحتاج فيما تحتاج إليه, الاستقرار والسلم الاجتماعي والأمن الوطني, في الحفاظ على العناوين البارزة التي حملتها السنوات الماضية, وهي العناوين التي أسست لهذا الاستقرار ولهذا التوجه الوطني الثابت والقومي الواسع, وكذلك لهذا الحوار الإيجابي الذي أثمر عن توجهات عنوانها التمسك بما تحقق, والتطلع إلى ما لم يتحقق بعد مع إمكانية توفير ظروف أكثر إيجابية تفسح في المجال أمام تطوير الأداء لإنجاز هذا الذي لم يتحقق بعد, وفق رؤية وتطلعات لبنان الشقيق الذي تجاوز دوره حدوده الجغرافية ليصبح ملمحاً بارزاً في صمود العرب والحفاظ على هويتهم والتمسك بحقوقهم.
وعندما وقفت سورية وستظل تقف إلى جانب لبنان وخيارات شعبه فليس لأنه امتداد جغرافي في العمق الاستراتيجي السوري والتاريخ الواحد فحسب, وإنما لأنه قطعة من القلب.. والتاريخ يشهد.