تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الأثنين30/8/2004
محمد خير الجمالي
من جديد. تفوح روائح التجسس الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة بالكشف عن واحد من أخطر الجواسيس الذين يعملون لحساب إسرائيل في واحدة من أخطر المؤسسات العسكرية والأمنية الأميركية (البنتاغون واستخباراتها).

إذ أفادت الأنباء الأولية الواردة من مصادر ال¯ ف بي أي حول قضية الجاسوس الجديد بأنه موظف رفيع المستوى في البنتاغون ومقرب من الوزير رامسفيلد وهو واحد من كبار المحللين ,ويقوم مكتب التحقيقات الفيدرالية بالتحقيق معه بتهمة تسريب معلومات على قدر كبير من السرية إلى إسرائيل, كانت منها مسودة قرار رئاسي يتعلق بالسياسة الأميركية تجاه إيران.‏

يحصل هذا في وقت يتهافت فيه المسؤولون الأميركون (أعضاء في الكونغرس ووزراء ومعاونو وزراء ورؤساء ومرشحو رئاسة وجنرالات كبار) على خدمة إسرائيل وتأمين احتياجاتها العدوانية, والارتقاء بالعلاقة معها إلى مستوى التحالف الاستراتيجي, والتغطية على جرائمها في مجلس الأمن الدولي وخارجه, وتحول هذا كله إلى ورقة انتخابية يزايد بها مرشحو الرئاسة في كل مرحلة انتخابية كسباً لأصوات اليهود.‏

أية مفارقة تبرز في هذا التباين الذي يبلغ حد التناقض بين سياسة إسرائيلية ما انفكت تلحق أبشع أشكال الإهانة والاستخفاف وتمارس التحدي للإدارة الأميركية بما في ذلك التجسس على أميركا واختراق نظم أسرارها الأمنية بواسطة عدد من الجواسيس من أمثال (بولارد سابقا والآن جاسوس البنتاغون) وبين سياسة أميركية تغدق بسخاء على إسرائيل فتمدها بالمال والسلاح والدعم المعنوي,وتغالط حقائق التاريخ والجغرافيا من أجل دعم سياستها وهي تعلم جيدا أنها تسيىء إلى أميركا وسمعتها ومصالحها ومصداقيتها, وتزيد في كراهية العرب والعالم لها..?!‏

أما لماذا تبادل إسرائيل السخاء الأميركي بسلوك يزدري السياسة الأميركية وينتقص من هيبتها على نحو ما يكشف عنه تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو قبل عدة سنوات بإحراق واشنطن, وعلى نحو ما تكشفه فضائح التجسس الإسرائيلي المتواترة على أميركا بين الفينة والأخرى? الجواب حصراً في الطبيعة التآمرية لإسرائيل وسياستها المرتكزة على مبدأ التضحية بأقرب حلفائها ومصالحهم من أجل مصالحها الخاصة, وتلك هي طبيعة من يتصف بالغدر والخسة والخيانة, فمن كان بهذا الطبع لا يفرز إلا سلوكا على شاكلته, سلوك مشوب دوماً بكراهية الآخر والتآمرية عليه وعدم احترام المواثيق والإخلال بقيم الصداقة والتحالف والأمانة,والتنكر لكل جمائله عليه.‏

وفي تحليل خلفية الكشف عن قضية الجاسوس الإسرائيلي الجديد الآن لا نستبعد أن تكون إسرائيل أو جهة ما تلوذ بها قد كشفت عن هذه القضية بالتزامن مع الحملة الانتخابية الراهنة لمنصب الرئاسة لابتزاز كلا المرشحين الجمهوري والديمقراطي بالضغط على الأول لإعطاء وعود إضافية لإسرائيل أكثر مما حصلت عليه منه برسالة الضمانات وغزو العراق وسن القانون الجائر لمحاسبة سورية, أو بإسداء خدمة لكيري عبر فضيحة جديدة تضاف إلى سلسلة فضائح سياسة الرئيس بوش وتسهم في تراجع شعبيته أكثر مما تراجعت,على أن يتم تسديد ثمنها من جانب كيري بعيد الانتخابات إذا ما حالفه الحظ وأصبح رئيسا,والثمن غالباً ما يكون تجاوز ما أسداه بوش من خدمات لإسرائيل إلى ماهو أخطر بكثير وعلى النحو الذي أفصح عنه مؤخرا بتجديد ماسماه التزام أميركا بإسرائيل وسياستها, وتعهده بتسريع العقوبات على سورية ومواصلة الضغوط على إيران والسعودية إرضاء لإسرائيل..!!‏

والحقيقة التي يمكن الوقوف عليها من وراء فضيحة جاسوس البنتاغون هي أن العلاقة الرابطة بين أميركا وإسرائيل علاقة بين طرف خاسر مائة بالمائة فيها وآخر رابح منها بشكل مثير, وغني عن البيان هنا أن الطرف الخاسر هو أميركا ,وأن خسارتها تتوضع في تراجع مكانتها الدولية والانهيار المعنوي والأخلاقي لسياستها,وتزايد الكراهية العربية والدولية لهذه السياسة والمغامرة بمصالحها ودورها في المنطقة, فيما الطرف الرابح إسرائيل, وربحها يتوضع في نفوذها الواسع داخل أميركا وبلوغها حد التجسس على أسرارها وسرقتها, وابتزاز رؤسائها وكبار المسؤولين فيها وفرض ماتريده من مواقف منها, دون أن يتجرأ أحد في أميركا على انتقاد هذه العلاقة غير المتوازنة لاعتبارات معروفة ليس أقلها توجيه سهام اللوبي ضد كل من يملك الجرأة على فضح دور إسرائيل في توجيه السياسة الأميركية والتلاعب بمصير مصالحها وعلاقاتها الدولية. ألا يعني هذا كله أن أميركا تعمل ضد مصالحها في علاقة مختلة مع إسرائيل كان ثمنها باهظاً على مر الأيام? ومتى يتم تصحيح هذه العلاقة في مصلحة الشعب الأميركي..?!‏

 

 محمد خير الجمالي
محمد خير الجمالي

القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30383
القراءات: 30382
القراءات: 30384
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30387

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية