هل هو (لاري فرانكلين) المسؤول في البنتاغون الذي يعمل في دائرة الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا..?
هل شكل مع أولياء أمره في البنتاغون قناة للتأثير الإسرائيلي في قرار شن الحرب على العراق..?!
كلها احتمالات تقرب من الحقيقة.. لكن الحقيقة الدامغة, أن الجاسوس المحتمل أعاد إلى الأذهان, حكاية الجاسوس الحقيقي (جوناثان بولارد) والذي ينفذ حكماً للقضاء الأميركي عليه بالسجن مدى الحياة منذ عام ..1987 بعدها أعلنت إسرائيل أنها لن تعود أبداً إلى التجسس على أميركا, لكنها عادت ولديها قوى في أميركا تستطيع التستر على كثير من الفضائح التي يمكن أن تصل إلى حد التجسس..
رغم ذلك كله.. رغم كل أشكال الانحياز الخارج عن كل منطق أو عرف سياسي الذي تمارسه الإدارة الأميركية لعوامل ضغط مختلفة, وبشكل خاص الإدارة الراهنة التي فحشت إلى حدود منفرة في انحيازها لإسرائيل.. رغم ذلك كله علينا أن نقتنع أن في العالم أميركا وفيه إسرائيل وأنهما ليستا بأي شكل دولة واحدة.. هناك أميركا.. وهناك إسرائيل.. والدليل العلمي كبير الأهمية أن أحداهما تتجسس على الأخرى. ورغم كل علاقات الانصهار السياسي بين أميركا وإسرائيل فإن الواقع العملي يرينا بوضوح.. أن العداء الفعلي لأميركا في المنطقة. هو في إسرائيل لأن منطق إسرائيل هو منطق (أنا أولاً) أو أنا فوق الجميع.. وهو المنطق النازي نفسه.. وبالتالي صاحب هذا المنطق يتواقح كثيراً في أخذ ما يريده..
وموضوعياً فإن إسرائيل قادرة على الأخذ من أميركا.. علناً وتسللاً.. بما لا تقدر عليه أي دولة أخرى في المنطقة ولا كلها مجتمعة.. بما في ذلك العربية السعودية صاحبة التاريخ الطويل من العلاقات الجيدة إلى حدود التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية.. وبالتالي فإن العداء الفعلي المؤثر هو الذي يمكن أن تتبناه إسرائيل وهو متمثل تماماً في الواقع القائم..
لم تتجسس أي دولة أخرى في المنطقة على أميركا باستثناء إسرائىل..
لم تضغط أي دولة أخرى على دافع الضرائب الأميركي. كما تفرضه إسرائيل..
لم تورط أي دولة أخرى أميركا فيما ورطتها به إسرائيل بدءاً من العداء للإسلام والعرب وانتهاء بمستنقع الحرب العراقية الذي سيطول عنه الكلام, سيطول.. سيطول كثيراً.. ولعلها تكون واحدة من أبرز هزائم أميركا وفي تبعيتها بريطانيا في هذا العصر.. فالهزيمة لا تحصل بالقوة العسكرية فقط.. ألم يقف الاتحاد السوفييتي في كل المواجهات العسكرية منتصراً وهزم دون أي هجوم عسكري?!
أخيراً أقول:
طالما هناك تجسس فإن ذلك يعني أن ثمة حدوداً فاصلة بين أميركا وإسرائيل.. وعلينا أن نفهم ذلك.. فقد تمادينا كثيراً في فرضية المصلحة الواحدة المطلقة كي نبرر كسلنا عن الجرأة والحيوية في التعامل مع أميركا والشعب الأميركي.
يجب ألا نستسلم سواء كان جاسوساً للعدو أم للصديق فهو جاسوس ومعظم الأميركيين لن يتساهلوا مع أي جاسوس وكذلك العدالة الأميركية عندما تظهر الحكاية للعيان وحتى البنتاغون في إطار النفي أو التخفيف, أعلن أنه لا يمكن لقوة أجنبية أن تكون في موقع يؤثر على السياسة الأميركية..
إذن هي أميركا, وإسرائيل قوة أجنبية, لكنها ماهرة في إظهار وحدتها مع أميركا..