فخلال العقد الماضي اتسم الموقف الأوروبي بضعف الفعالية في منطقتنا والتبعية إلى حد كبير لنظيره الاميركي وغلب عليه التلون والتباين ازاء القضايا التي تشغل هذه المنطقة ما افقده قوته على الساحة لحساب الدور الأميركي وباقي القوى الاخرى .
ماتحدث عنه وزير الخارجية الالماني عن توحيد اوروبا لموقفها من عملية السلام وعزمها حشد الدعم لهذا الموقف يشكل تحولاً على هذا الصعيد لاسيما بعد التصريحات التي صدرت عن المنسق العام للسياسات الاوروبية خافيير سولانا الذي اكد عزم اوروبا على لعب دورها في عملية السلام سواء رضيت اسرائيل ام عارضت ذلك.
طبعاً هناك الكثير من المقومات التي تجعل او تساعد على ان يكون الدور الاوروبي فاعلا في المنطقة وعلى رأسها ارتباط أمن ومصالح الاوروبيين بأمن ومصالح المنطقة ورغبة ومطالبة الدول العربية لأوروبا بلعب الدور المفترض ان تقوم به إزاء القضايا الاساسية لمنطقتنا لصلاتها الوثيقة مع الدول العربية ولا يمكن تجاهل الدعوات المتكررة لأوروبا بلعب دور مواز للدور الأميركي في عملية السلام من سورية والدول العربية ولكن دون جدوى حتى الآن.
وايضاً أوروبا تملك من المقومات السياسية والاقتصادية الضاغطة على اسرائيل واميركا لتتقبلا دورها في عملية السلام ما لم تستثمرها للممانعة الاسرائيلية الشديدة لهذا الدور الذي لا يخرج عن ثوابت عملية السلام الدولية ورؤى وتوجهات الولايات المتحدة بهذا الخصوص.
وامام هذا الواقع ما صدر عن فيشر خلال زيارته للمنطقة وقبله سولانا وغيرهما من المسؤولين بخصوص تصميم اوروبا على لعب دور فاعل في عملية السلام يبقى محدود التأثير والفعالية اذا لم يأخذ طريقه الى التنفيذ والفعل على ارض الواقع على شكل مبادرات وتحركات وضغوط تجبر الحكومة الاسرائيلية على وقف عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني والافراج عن المعتقلين والعودة الى عملية السلام والالتزام بتلبية مستحقاتها بالكامل وفق قرارات الشرعية الدولية المعروفة.
ماذكره فيشر حول توحيد الموقف الاوروبي من عملية السلام خطوة مهمة على هذا الطريق حيث كان التباين الذي يحكم هذا الموقف من احد اهم العراقيل التي اعاقت الجهود الاوروبية التي بذلت في هذا الموضوع والفرصة متاحة الآن امام الاوروبيين لإملاء الفراغ الذي نتج عن الغياب الأميركي على الساحة السلمية ويكفي ان يقدم الأوروبيون على هذه الخطوة حتى يجدوا الأبواب العربية مشرعة امامهم بهدف توفير المناخ اللازم لإنجاحها.