تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الثلاثاء 31/8/2004
محمد علي بوظة
العودة للعب بالورقة الإسرائيلية والعزف المكرر على أوتارها, كلما قربت ساعة الحسم وزف موعد الاستحقاق الانتخابي لولاية رئاسية جديدة في الولايات المتحدة, وسدت السبل في وجه المرشحين المتنافسين الجمهوري جورج بوش والديمقراطي جون كيري وخفت موازينهما ونقاطهما الانتخابية, مسرحية ممجوجة أقل ما يقال عنها إنها نوع من الإفلاس, وهروب متصل ومتواصل من الأزمات المتفاقمة والانتكاسات سواء في الداخل الأميركي, أم على صعيد السياسة الخارجية والتي يمثل المشهد العراقي أحد أكبر أخطائها ومأزقها, اعتاد العالم مشاهدة فصولها في مثل هذا الوقت وكل أربعة أعوام, مع فارق يكاد يكون هذه المرة السمة المشتركة للخصمين التقليديين لا يقتصر على ضبابية وعمومية برامجهما فحسب, وإنما على خلوها من بدائل للخروج من هذه الأوضاع ومن الورطة العراقية وحفظ ماء الوجه, وترك الساحة لأهلها يقررون مستقبلها بحرية ودون تدخل خارجي, عناوينه الغزو والاجتياح والتدمير ونشر وتعميم /ديمقراطية القتل والموت/..!

هذه المنافسة اللاشريفة والتسابق على كسب الصوت اليهودي, من جانب أشخاص نسوا أنهم أميركيون وليسوا إسرائيليين, وآثروا سياسة الصفقات والمزاودات والمقايضات, التي يغدق فيها المال والسلاح وأشكال الدعم الأخرى والتغطية لنهج إسرائيل العدواني ومشروعها التوراتي, يترتب عليها أثمان وأكلاف باهظة تدفع استحقاقاتها ولا تزال, سواء من جيوب دافعي الضرائب الأميركيين, أم من سمعة وهيبة الدولة العظمى ومصداقيتها ودورها, الأخذ بالانحدار والسقوط المريع والمتسبب بعزلة دولية خانقة وكراهية طاغية, لا تفلح في كسر طوقها الالتصاق بإسرائيل ولاسياسة البوارج والأساطيل.‏

لقد أضحت السياسة الأميركية بواقع ازدواجية الانتماء والولاء لإداراتها المتعاقبة والحالية منها بخاصة, أسيرة العقلية الصهيونية وعقيدتها ومشروعها, وبات /أمن إسرائيل/ المهدِّد لا المهدَّد والقائم على أنقاض الآخرين وأمنهم الخدعة والفزاعة لتبرير المواقف والسياسات الخاطئة تجاه المنطقة, والمجال الأوسع للابتزاز وتأمين غطاء الدعم وتأكيد الالتزام لمن هم في البيت الأبيض ولأولئك الطامحين في الولوج إليه عبر البوابة والورقة الإسرائيلية بمثل ما فعل بوش على سبيل المثال لا الحصر وتفوق, ويحاول خصمه كيري تأطير حملته وتسجيل مواقف أكثر مغالاة وتطرفاً, تجاوزت تلك الالتزامات وتجديد التأييد العلني لجدار الفصل العنصري, والتعهد بمكافحة /معاداة اليهودي في العالم/ إلى التوثيق والإثبات العملياتي, بإضافة شخصية يهودية أخرى وصفت بأنها بارزة إلى فريق مستشاري حملته الانتخابية.‏

مثل هذه البرامج والسياسات على سطحيتها وتأثيراتها الخطيرة على المنطقة, وعلى مستقبل الصراع وعلى الأمن والاستقرار الدولي, توحي وكأن لا قضية للشعب الأميركي ولا هم غير إسرائيل, والاسترسال في ممالأتها والخضوع لابتزازها وتبني خطابها وطروحاتها, والتورط أكثر فأكثر في الانزلاق ورائها وخوض حروبها ومعاركها, وفق النموذج الصارخ الحاصل الآن على الساحتين العراقية والفلسطينية, وتكريسها قوة عدوان واغتصاب فوق سلطة القانون الدولي وقرارات شرعيته, رغم ما يستجره ذلك عنوة من كراهية واستعداء ما يزيد على المليار عربي ومسلم, هي اليوم مصدر قلق وتخوف للولايات المتحدة, يحتاج ترميمها والتخلص من تبعاتها وآثارها لزمن طويل.‏

وإذ نؤكد نحن أصحاب المعاناة في هذه المنطقة والمتضرر الأكبر والمكتوي بنار هذه السياسات, شأننا شأن العالم كله أن ليس لنا من مشكلة مع الشعب الأميركي, وإنما مع الإدارات المتحكمة بمواقع السلطة والقرار وخطابها وأدائها وتطرفها وانحيازها السافر, ذاك الذي يصر على ألا ينظر إلى الأمور بحيادية واستقلالية وتعقل, وعدم القراءة بغير العين والمنظار الإسرائيلي, فإننا لنأمل أن تكون مظاهرة الربع مليون أميركي في نيويورك المعارضة لسياسة بوش في المنطقة والرافضة لحربه الظالمة ضد العراق, هي الأخرى بعد الساحة العالمية, العبرة والدرس والمحرض لتصويب وتصحيح هذه السياسات الحمقاء وعودة أميركا للساحة الدولية قوة توازن وعامل استقرار.‏

 

 محمد علي بوظة
محمد علي بوظة

القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30395
القراءات: 30384
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30384
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30386
القراءات: 30386
القراءات: 30383
القراءات: 30384
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30399
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30399
القراءات: 30388
القراءات: 30382
القراءات: 30385
القراءات: 30386

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية