تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الثلاثاء 31/8/2004
نبيه البرجي
نعتذر قليلا, أو كثيرا, من الملائكة حين يأتينا الحديث عن العلاقات اللبنانية- السورية...

أجل, نتحدث كبشر يتفاعلون مع الحقيقة في كل وجوهها, بعيدا عن أولئك الذين يتقنون الملاحة في اللغة وفي سحر اللغة.‏

نحن الذين ندرك أي أخلاقية حكمت الزعيم الراحل حافظ الأسد, وأي شفافية تحكم الرئيس بشار الأسد الذي نعلم جيدا ما هو رأيه في محترفي الانتهازية, والببغائية, والازدواجية, والوصولية, والنفعية, وحتى التهريج. هؤلاء الذين طالما لطخوا الأحاسيس المقدسة التي ورثناها عن آبائنا, وترعرعت في دقات قلوبنا. هنا لبنان, وهنا سورية. شخصيا لا أدري أين هو الخط الفاصل بين نصف الروح والنصف الآخر...‏

هذا لا يعني عدم الاعتراف, ورغم كل اخلاقية القيادة, بالشوائب والأخطاء والعثرات. حقا لسنا ملائكة, ولقد اعتذرنا منها سابقا, ولكن كبشر, ولكن كعرب, ولكن كلبنانيين وسوريين كان يفترض أن نعمل للتكثيف النوعي للعلاقات, وعلى المستويات كافة, لا أن نستظل القرارات, والتوصيات, ونقف مكتوفي الأيدي, كما لو أن النموذج لا يحتاج إلى التفعيل العملي والشامل, وبأخلاقية المستقبل لا بأخلاقية.. تأبط شرا, حتى ولو أن صاحبنا تأبط شرا... تأبط خيرا!‏

لم يعد ممكنا إلا أن نعي ماذا يعني الهاجس الاستراتيجي المشترك, وهو الهاجس الخلاق إذا ما عملنا على تحويل الوعي من حالة ميتافيزيقية, كما هي حالنا في الكثير من الأحيان, إلى حالة عملانية. هل يستطيع بشار الأسد أو إميل لحود أن يعملا بمفردهما, فيما العواصف تهب من كل حدب وصوب, وفيما المنطقة تمشي على خط الزلازل?‏

ثمة عبارة لستانلي هوفمان, الاستاذ البارز في هارفارد: (الشياطين تملأ الوقت الضائع في أمريكا). الوقت الضائع عندنا شاسع ويكاد يكون لا نهائيا (وهذه خطيئتنا الكبرى) فلماذا نملؤه بالشياطين. لا أحد يقول بأن نملأه بالملائكة. فعلا, العلاقات بين لبنان وسورية تحتاج إلى بلورة ديناميات استراتيجية تفضي إلى التفاعل العبقري, أجل العبقري, في السياسة, وفي الاقتصاد, وفي الثقافة. الأهم من كل هذا وذاك, التفاعل العبقري في... الإنسان.‏

دائما في ذلك الإطار الذي صنعته الأيدي الكبيرة: أليست سورية هي التي حمت النموذج الحضاري في لبنان بعدما كان الهدف, ومنذ أيام دافيد بن غوريون هو التفكيك وتحويل لبنان إلى غابة للغرائز تنسحب بما تبقى فينا من العصر الحجري على المنطقة بأسرها?‏

أليست سورية هي التي أعادت الدولة في لبنان, وكانت قد ذهبت هباء, في لعبة الأمم, إن لم نقل في لعبة الأبالسة التي امتدت, جدليا, من تيودور هرتزل وحتى هنري كيسنجر ومشتقاته, إن لم نقل من يوشع بن نون وحتى آرييل شارون باللاهوت الذي يتقيأ الحطام..‏

أليست سورية التي وقفت إلى جانب المقاومة, وكانت المجازفة التي كان يمكن أن تؤدي بكل شيء, فكان للتراب أن يعود إلى أهله, وكان للتاريخ أن يتخلى عن عكازه الخشبي, وكان للمؤسسة الصهيونية أن تعترف ب¯ (اننا هزمنا). ألم يقل عاموس عوز: (لنترك عظامنا هنا ونرحل)?‏

هذه أساسيات الفعل الاستراتيجي الذي يحكم العلاقات بين البلدين. هل يكفي أن نتوقف هنا ليتآكل فينا الهاجس (الهاجس المستقبلي بطبيعة الحال) ونلتحق زرافات ووحدانا بثقافة المستودع?‏

كفى أن نتمدد فوق اللغة وننام. لابأس أن نستعين بنظرية آلفن توفلر حول (تفجير الزمن في الحالة البشرية). كم نحتاج إلى تفجير الزمن في الحالة العربية. استيقظوا...‏

 

 نبيه البرجي
نبيه البرجي

القراءات: 30382
القراءات: 30387
القراءات: 30380
القراءات: 30387
القراءات: 30381
القراءات: 30384
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30385
القراءات: 30384
القراءات: 30381
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30381
القراءات: 30396
القراءات: 30394
القراءات: 30382
القراءات: 30379
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30391
القراءات: 30383
القراءات: 30386
القراءات: 30384

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية