لعل الرئيس بوش كان يتحدث عن التاريخ من منظور القوة العسكرية فحسب , فإنه هنا جاد وصادق , وحين يكون الامر هكذا فإن خياراً واحداً أمامه في صناعته.. هو أن يدمرالعالم ويحرقه?
لاشأن لنا بالتاريخ الذي يصنعه الرئيس بوش , كما لانريد أن ندخل هذا التاريخ ولا أن نكون شهود زور فيه, وعلى مراحل صناعته التي يفاخر بها الرئيس بوش , لكننا نتساءل:
لما ذا يكون على الاميركيين أن يختاروا واحداً من اثنين إما أميركا القوية والظالمة , وإما أميركا الضعيفة والعادلة?
الاعلام ومن خلفه وأمامه الحملة الانتخابية الجبارة التي تطبل وتزمر من أجل تجديد ولاية الرئيس بوش ونائبه تشيني , وعلى الارجح فريقه كاملاً , في البيت الابيض , يجهدان في توطين هذه المعادلة ذات الخيارين اليتيمين , وفي الابقاء عليها وحيدة في اذهان الاميركيين الى أن تحين ساعة الحسم الانتخابي فلا يجد الاميركيون بداً من الخيار فيختارون اميركا القوية الظالمة طالما ان قوة أميركا , كما يحاول رئيسهم اقناعهم , تحميهم وتوفر لهم الامن والاستقرار وطالما أن أميركا الظالمة تظلم الآخرين ولا تظلمهم!!
غير أن تظاهرات نيويورك عشية إعلان الرئيس بوش عن صناعة التاريخ , والتي شارك فيها مئات الالاف من الاميركيين الذين خرجوا الى الشوارع دون توجيه أو ايعاز ليقولوا لرئيسهم , كفانا بوش مرة واحدة , ولا للنفط مقابل الدم , ولالكراهية العالم لنا بسبب بوش , هذه التظاهرات والمواقف المعلنة , هي في الواقع من تصنع التاريخ , او على الاقل تمنع احداً بعينه من التفرد في صناعته.
أظنني امام خيار ثالث لأميركا يدور في اذهان الاميركيين , هو حصيلة الجمع بين الخيارين السابقين , أي أميركا العادلة والقوية ايضاً, وأظن أن ثمة تياراً ثالثاً في أميركا اليوم وبعد التجربة المريرة مع ادارة الرئيس بوش, تثار لاهو جمهوري ولاهو ديمقراطي أو هو مجموع الاثنين معاً, يريد لأميركا أن تكون قوية , ويريد لها أن تكون عادلة ايضا.
والمشكلة ان هذا التيار ليس حزباً ولاتكتلاً سياسياً , بل هو وجدان عام وضمير جمعي لدى اغلبية الاميركيين , تلك التي نريد لها ومنها ان تكون حقاً صانعة للتاريخ والمستقبل?
لايصنع الرئيس بوش التاريخ ولو اعلن عن ذلك , بل يصنعه من يصنع السلام وينشر الأمن والاستقرار والتاريخ يشهد !