فموسم القطن.. رائع هذا الموسم.. الفلاحون يحصدون ثمار جهودهم, والمحالج تعمل بعد توقف وانتظار لتتدفق الخيرات على مصانع الزيوت ببذور القطن, ومصانع الغزول بذاك القطن المحلوج فتسير الغزول واثقة إلى مصانع النسيج أو إلى أسواق العالم.. أو إلى أكوام من المخازين التي لابد أن تسوق يوماً.
أما موسم الزيتون المبارك, فهو خير على أصحاب الزيتون أيضاً, غير أنه, يشكل عبئاً كبيراً للأكثرية الذين لايمتلكون زيتوناً, إذ لابد لهم في أيلول من شراء مؤونتهم الكفيلة بإفقارهم لعدة أشهرٍ قادمة, وموسم الجوز يحظى بخيره الأقلاء, ولكن المصيبة أنه يشكل حافزاً عند أكثرية الناس لمزيد من النفقات الإضافية, حيث يحرض فعلاً على صنع (المكدوس) ولانعتقد أن أحداً لايعرف المكدوس بباذنجانه وثومه وفليفلته, وزيته, وجوزه.. وتلك هي المشكلة.. إن المكدوس الذي تجتمع أسباب ومحرضات تصنيعه في هذا الشهر يشكل عبئاً حقيقياً من تكاليفه.
وشهر أيلول الذي يفصل بين الصيف والشتاء يشكل عاملاً تحريضياً بمختلف مواسمه كي يتجه الناس نحو تحضير مؤونة الشتاء.
الأنكى من ذلك أن المدارس تفتح أبوابها في هذا الشهر أيضاً, ليزداد العبء عبئا, وعلى مدى سنوات طويلة لا المواسم عرفت أن تتأخر أو تتقدم عن شهر أيلول, ولا المدارس عرفت ذلك أيضاً.
فإلى جانب المؤونة, يصير على الناس -في أيلول- أن يجدوا سبيلاً بمختلف الطرق كي يؤمنوا ثمن اللباس المدرسي لأبنائهم, وثمن الكتب والدفاتر وثمن الأحذية والمحافظ والأقلام, وثمن المماحي التي يمكن أن تمحي كلمات وحروف وأفكار كثيرة, غير أنها تقف عاجزة عن محي أي عبء أو أي بندٍ من بنود التكاليف التي لابد للملايين من إنفاقها , اعتباراً من هذا اليوم, يوم دخول أيلول إلى تاريخ الحياة في كل عام.
هذه المأساة لاتشترك الحياة فيها وحدها, وإنما تشترك فيها الحكومة أيضاً التي جعلت من أيلول شهراً محمياً لافتتاح المدارس, ولاندري لماذا لايكون افتتاحها في أحد التشرينين أو الكانونين مثلا .. لاسيما وأن أيلول يبقى حافلاً عند بعض الشرائح للاستمتاع على البحر أو بين أحضان الطبيعة وما إلى ذلك من الأنشطة السياحية, فحمايته للمدارس هكذا, وعلى الأخص هذا العام, حيث بكرت كثيراً, ساهم في إخلاء البحر والطبيعة من ناسها, وساهم أيضاً في فوات فرصٍ كانت ذهبية أمام أصحاب الفعاليات السياحية الذين ينتظرون أيلول لأنه أنسب أشهر الاستجمام.
بكل الأحوال..أصحاب المنشآت السياحية الذين أصابتهم الخيبة لاندري كيف تحل مشكلتهم.. أما مشكلة العاملين في الدولة فنعتقد أن راتباً إضافياً في أيلول لهم يمنح سنوياً في هذا الشهر لن يفقر الحكومة, ولن يجعل خططها متردية أكثر ما هي عليه, غير أن راتباً كهذا يحل كثيراً من المشكلات, وقد تجد الحكومة فيه سعياً لإظهار بعض محاسنها التي تضيع بين أكوام الهموم