خصوصاً أن الحلول المقترحة لامتصاص الضغط المروري عبر الأنفاق والجسور تسير ببطء, ويبدو أنها ستستغرق زمناً طويلاً, مما يتطلب حلولاً تتناسب والواقع عبر صيغة استثمارية تأخذ شكل التعاون والتنسيق بين القطاعات للوصول إلى شكل معقول واعتماده لوسائط نقل جماعية ذات الحجم الوسط تكون قدرتها الاستيعابية معقولة ولا يشكل وجودها في الشوارع ضغطاً واختناقاً مرورياً, وبالملاحظة يمكن أن نرى حالة الازدحام في فترات الذروة من خلال السرافيس التي أضحت بحاجة إلى إعادة نظر, إضافة إلى منظر باصات النقل الداخلي التي تعمل على بعض الخطوط والتي تتطلب حركتها شوارع أكثر اتساعاً, وهذا غير متوفر حالياً.
المشكلة بحاجة إلى حلول واضحة تأخذ بعين الاعتبار الحاجة الاجتماعية للتنقل عبر وسائط نقل أكثر أماناً وأكثر استيعاباً إضافة إلى العوامل البيئية التي كثر الحديث عنها عبر تحويل المركبات إلى العمل على الغاز بسبب ارتفاع نسب التلوث داخل المدن الرئيسية وخصوصاً العاصمة, ولابد من القول: إن واقع التلوث تلعب عوامل كثيرة في تزايده منها الآليات القديمة التي تعمل كسيارات أجرة والتي استهلكت بكل المعايير, وهناك قرارات تقضي بإخراجها بالتدريج خارج المدن إضافة إلى إخراج السرافيس من مدينة دمشق.
إعادة الدور لشركة النقل الداخلي بتخديم بعض الخطوط هو مؤشر للقناعة بأهمية الحافلات الكبيرة في النقل الداخلي داخل المدن ولكن علينا الاستفادة من التجارب السابقة في هذا المضمار, فهذه الحافلات القديمة لن تفي بالغرض لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون, وهذا يستدعي بالضرورة تحديثها كيفما كانت الصيغة وإيجاد أسس واضحة لتعمل بعيداً عن مشكلات الضغط المروري والاختناقات التي أضحت منظراً مألوفاً في شوارعنا.
التفكير الجدي بتفعيل وسائط النقل الجماعي له فوائد كثيرة, فتباعد المسافات والسكن الذي بدأ يتمركز خارج المدن يستدعي إعادة النظر بوسائط النقل عبر دراسات واقعية تأخذ بالحسبان وسائل الراحة والأمان, ومحاولة تخديم جميع المناطق, وهذا لا يعني إلغاء دور القطاع الخاص في هذا الإطار بل يفترض أن يأخذ شكل التعاون والتنسيق والمكمل لدور شركة النقل الداخلي, التي عليها أن تقدم النموذج الأفضل من حيث الأداء وتقديم الخدمات بالشكل المقبول, وهذا يتم من خلال المحاولة لتوحيد وسائط النقل الجماعي بين القطاع الخاص والعام لينعكس ذلك مظهراً جمالياً وحضارياً. ونعلم جميعاً أن الاستثمار في قطاع النقل مربح, والمستغرب أنه حتى الآن لم يتم إيجاد صيغة واضحة لحل المشكلة بشكل ينهي الأزمة من جهة ويراعي البعد البيئي من جهة أخرى, من خلال إنهاء حركة السيارات القديمة من شوارعنا وإبعادها إلى خارج المدن كونها تفتقر إلى وسائل الأمان والراحة.