وهذا بالضرورة يستدعي حالة من التعاون والانسجام بين الأسرة وبين ما تصدره الجهات المعنية من قرارات تهدف إلى المحافظة على النمو الفكري والجسدي للطفل.
ما جعلنا نتحدث بهذا الإطار هو الندوة القومية حول حماية الأطفال في العمل التي عقدت مؤخرا في دمشق وأكدت على إيجاد خطة وطنية لحماية الأطفال في العمل والتأكيد على إيجاد سياسة تعليمية تتضمن تواجد الأطفال في المدارس حتى سن السادسة عشرة,إضافة إلى التشريعات الناظمة لعمل الأحداث وتحديد العمر المناسب لمزاولة العمل. و..إلخ.
يمكن القول إنه على الرغم من تطبيق مبدأ إلزامية التعليم وما تقدمه الدولة في هذا الإطار من خلال تأمين المدارس لجميع التجمعات, ما زلنا نجد حالات تسرب تكون بداية لانخراط الطفل بأجواء لا تتناسب مع سنه من خلال مزاولته أعمالا تفوق قدراته الجسدية, إضافة لتعلمه عادات تسيء إليه ولطبيعة تكوينه مستقبلا.
مناظر متنوعة ومؤذية نراها من خلال عمل الأطفال بعد انقطاعهم عن الدراسة فنراهم يعملون في الورشات المتنقلة أو الثابتة ويحملون أثقالا وأوزانا تؤثر على نموهم بشكل أو بآخر أو ما نراه في الشوارع من مشاهد تسيء إلى الطفولة, قد تكون الحاجة هي السبب لبعض الأسر في دفع أبنائها إلى العمل مهما كان نوعه, معرضة بذلك حياة أطفالها لجميع الأخطار,خصوصا قبل سن البلوغ ونلاحظ كل ذلك بصور مختلفة,طفل يبيع أكياس النايلون أو يقف لينظف سيارة أو يشارك بتفريغ حمولة شاحنة أو يبيع الدخان المهرب, وآخر في ورشة إصلاح أو مشغل صغير, وآخر ينقل اسطوانات الغاز !!?.
ما نريد أن نؤكد عليه أن موضوع العمل بجهات القطاع العام محسوم فلا يجوز العمل إلا لمن أتم الثامنة عشرة من العمر, أما في القطاع الخاص فلا يوجد أي ضوابط لهذه المسألة على الرغم من القرارات الصادرة بهذا الإطار والتي تمنع عمل الأطفال في أماكن لا تتناسب مع سنهم وقدراتهم الجسدية.
وهنا لا بد من التأكيد على موضوع الضمان والتأمين للعاملين في القطاع الخاص وإيجاد تشريعات تلزم أصحاب المهن والمنشآت الخاصة بالالتزام بشرط السن,لأن البعض يرى في عمل الأطفال هروبا من دفع أجور مرتفعة ومن ضمانات يطالب بها جميع من يعمل بالقطاع الخاص.
التشدد في تطبيق القرارات الصادرة وإعادة النظر بها حول الأعمال المسموح بها, في مثل هذه السن من شأنها المحافظة على أطفالنا,ولكن تبقى نقطة مهمة هي الآلية الموضوعة للتأكد من تنفيذ هذه القرارات ومتابعتها للوصول إلى الغاية المرجوة, إضافة إلى قناعة أصحاب المهن بمدى الضرر الذي يلحق بالطفل نفسيا أو جسديا أو بيئيا, والتي لا تتناسب مع فترة نموه ومدى التجاوب في تطبيق مضمون القرارات الصادرة, والتي تحدد سنوات العمر لأعمال تعد شاقة,وتلك مسألة مهمة تتوقف عليها أمور كثيرة, والبداية تكون متابعة تنفيذ القرارات المتخذة بهذا الخصوص وتتضافر جهود جهات متعددة في مقدمتها الأسرة لنحافظ على نمو الطفل بشكل طبيعي بعيدا عن الأمراض والعاهات.