تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاربعاء1/ 12/2004م
علي محمود جديد
لا تزال العملات العربية تتمترس كل واحدة منها على أرض, وتحت سماء دولتها, لا تتزحزح إلا قليلا, وفي مجالات ضيقة جدا, ولا تزال العملات الأجنبية القابلة للصرف والتحويل, هي صاحبة القول الفصل, وهي المعيار الذي من خلاله تتاح عمليات التداول بين الدول العربية.

الأمر الذي يضعف قوة العملات المحلية في النفاذ إلى الأسواق العربية الأخرى, وأغلب العملات-مع الأسف-مرفوضة, ولا يقام لها أي وزن خارج حدودها المرسومة.‏

منذ عشرات السنين, والعرب يطحّون وينحّون-ما شاء الله-ويشدون العزم من أجل إصدار عملة موحدة, حتى أنهم أطلقوا عليها اسم (الدينار العربي) غير أن هذا الأمر بقي مجرد أحلام وأوهام,ويبدو أنه لن يزيد عن الوهم, على المدى المنظور, على الأقل.‏

أمام هذا الواقع.. نعتقد أن هناك العديد من الدول العربية يمكن أن تخرج نفسها من هذا الطوق ,ولا سيما سورية ولبنان, وأي دولتين متجاورتين, بأن يصدر قرار اقتصادي, أو لنقل قرارا نقديا,وعلى أعلى المستويات, يتم من خلاله السماح لعملتي البلدين بأن يتم تداولها في البلدين المجاورين, وتكون عملة كل بلد مقبولة في البلد الآخر بشكل طبيعي ودون تردد من أحد, وأعتقد أن مثل هذه الحالة- ورغم كل التوقعات والتحليلات السلبية التي يمكن أن تدور حولها- لن تؤثر على العملتين إلا بأن تزيدهما قوة معا. فلو جرى اتخاذ مثل هذا القرار بين سورية ولبنان فعلا فإن تغطية العملة اللبنانية تكتسب فعالية أكبر, لأنها تصير قادرة- مع الإبقاء على حجمها-أن تدفع بالليرة اللبنانية, لتكون فعالة في السوق السورية,وكذلك الأمر بالنسبة لليرة السورية وحجم التغطية التي تتمتع بها.. دون أية محاذير مبدئية لذوبان أي من العملتين أو انهيارها,باعتبار أن تغطية كل عملة تدعم- بوجودها خارج الحدود-تغطية العملة الأخرى.. فالمعادلة واضحة وبسيطة جدا.‏

هناك تجارب بسيطة.. ارتجالية.. وهي بالمقاييس القانونية والنقدية تصنف بأنها غير شرعية,ولكنها أثبتت بالفعل, وعلى أرض الواقع,مدى أهمية ,مثل هذا الاندماج النقدي, أو الاتحاد النقدي, ومن هذه التجارب ما يقوم به أخوتنا اللبنانيون في بعض المواقع الحدودية, وأبعد من الحدودية, كالمصنع, وبر الياس, وشتورا حيث يعمد التجار اللبنانيون هناك إلى قبول الليرة السورية كثمن للسلع التي يبيعونها, وقد استطاعوا جراء ذلك أن يحققوا حركة بيع كبيرة,كما وفروا على الكثير من المتعاملين- ولا سيما السوريين منهم-خدمات كبيرة, وراحة في التعامل.‏

صحيح أن الليرة السورية ممنوع-حسب السلطات النقدية-أن تخرج خارج الحدود, كما أنه ممنوع لأية ليرة سورية أن تدخل من خارج الحدود ولكن كان الواقع-ولا يزال- أقوى من هذه الممنوعات كلها, وعلى مرأى العيون,ولا شك أن هناك آلية معينة تم اختراعها من أجل الحفاظ على توازن الليرتين السورية واللبنانية معا, ولا شك بأن هذه الآلية قضت بإعادة الليرات السورية إلى مصادرها,كي لا يشكل الأمر استنزافا بعد حين, وزيادة طلب عليها مع قلة عرض في سورية, وكي لا تشكل الليرة السورية تجميدا لليرة اللبنانية في تلك المناطق فيزداد عرضها ويقل طلبها. ولكن الأمور بقيت تسير بهدوء وسلاسة, واحتفظت الليرتان بموقعهما وتوازنهما فعلا.‏

هذه التجربة البسيطة أعتقد يمكن تعميقها على مساحة البلدين الشقيقين ليس فقط من منطلق أنهما شقيقان.. وإنما من منطلق تبادل المصالح المشتركة, ولا سيما أنهما يبحثان اتفاقيات مهمة جدا باستمرار,كالاتفاقيات التي تبحث اليوم في بيروت ضمن إطار النقل.‏

 

 علي جديد
علي جديد

القراءات: 30270
القراءات: 30279
القراءات: 30266
القراءات: 30269
القراءات: 30267
القراءات: 30259
القراءات: 30262
القراءات: 30256
القراءات: 30265
القراءات: 30268
القراءات: 30256
القراءات: 30272
القراءات: 30255
القراءات: 30254
القراءات: 30263
القراءات: 30252
القراءات: 30262
القراءات: 30259
القراءات: 30254
القراءات: 30260
القراءات: 30259
القراءات: 30253
القراءات: 30256
القراءات: 30247
القراءات: 30263
القراءات: 30259
القراءات: 30256

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية