وقبل ذلك هل يجوز أن نسأل ما الذي أودى بنا إلى هذا المستوى من (ثقافة العمل)?
إذا كان الحديث يدور اليوم حول ثقافة العمل وضرورة إعادة بناء هذه الثقافة, بل زرعها لدى العاملين في مختلف مؤسساتنا.. وهنا يحضر في البال سؤال آخر وهو: هل تستطيع المحاضرات والدراسات والمواعظ, وحتى الحديث عن مساهمات وطنية, أن تساهم, وحدها, في مثل هذا البناء?
بتقديرنا أن السبب الأول في تراجع هذه الثقافة وترديها يعود إلى مستوى الدخل الضعيف الذي لم يكن ليكفي احتياجات الفرد والأسرة في ظل الاستهلاك المتزايد الذي نعاني منه في حياتنا, فكان من الطبيعي أن يبحث الافراد عن سبل لتوفير احتياجاتهم الحياتية, الأمر الذي انعكس سلبا على العمل الذي يمارسونه في مؤسساتهم.
ومن ثم ساد مفهوم يرى في الدخل الذي تعطيه الدولة مقابل العمل, بحصة تسند الجرة الكبيرة التي يحتاجونها, فلجأ الكثير من الموظفين إلى أساليب عديدة للتهرب من واجب هذا العمل انتاجاً ودواماً وليمارسوا أعمالا أخرى.
وقد أدركت الدولة هذه الحقيقة, وأظنها كانت تدركها منذ زمن طويل ما دفعها مؤخرا إلى مجموعة من الخطوات بغية تحسين الحياة المعاشية للمواطن, لكن هذه الإجراءات ظلت, حتى اليوم, قاصرة عن الوصول إلى الحد الأدنى المطلوب, والحكومة تعترف بذلك.
إذن ثمة حقيقة أساسية, ومدخل أولي, لبناء هذه الثقافة يمر من باب رفع الدخل الذي يحصن العامل في عمله وفي إنسانيته.