الباب مجدداً للسؤال عن كفاية الإجراءات الأمنية والسياسية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية وأجهزتها للحؤول دون حدوث صراعات حزبية وسياسية بين القوى والفصائل الفلسطينية ,يمكن أن تستغلها إسرائيل لخلق فوضى في الأراضي الفلسطينية.
فالحادثة وإن كانت نتيجة الفوضى التي رافقت دخول المسؤولين الفلسطينيين إلى الخيمة كما أكدت العديد من المصادر, يجب أن تؤخذ على محمل الجد وأن توضع في سياقها الطبيعي الذي يكفل عدم تكرارها بالشكل الذي نقلته العديد من الفضائيات ,ولا سيما أن التقارير عنها أوحت أو عبرت بشكل أو بآخر عن جانب مهم جداً لم تأخذ به الإجراءات القانونية والسياسية والأمنية التي اتبعتها السلطة الفلسطينية منذ نقل عرفات إلى باريس للعلاج وبعد وفاته.
إن اتباع هذه السلطة للقانون الفلسطيني في تحديد المعالم السياسية للمرحلة المقبلة خطوة في الاتجاه الصائب, ولكن من المفترض أن يترافق هذا العمل بإجراءات وخطوات تحظى برضى غالبية الشعب الفلسطيني وقواه الحية, فمسألة تطبيق القانون بحذافيره هي جزء من العملية السياسية المطلوبة ولكن لا قيمة لهذه العملية إذا لم تترافق مع تبعاتها العملية وفق ما يراه الشعب الفلسطيني ملائما للحفاظ على وحدته الوطنية ,وعدم التفريط بحقوقه التي قدم آلاف الشهداء في سبيل الحفاظ عليها.
وتأسيساً على ذلك من المفترض أن تتوخى السلطة الفلسطينية التي تأخذ على عاتقها تطبيق القانون ومعها الفصائل والقوى الحية أيضاً ,الحذر إزاء أي قرار سياسي أو أمني تقدم عليه في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة, فالحالة تقتضي التصرف بروية وهدوء ومزيد من اللحمة الوطنية والتغلب على الصعاب والخلافات مهما علا شأنها.
والأمر المهم الذي ضمن السلامة والنجاح في كل الخطوات التي يعد لها, يتمثل في أن يحظى المرشحون لمناصب قيادية من قبل الفصائل الفلسطينية بمختلف ألوانها, بالقبول والرضى من غالبية الشعب الفلسطيني, فذلك يدخل الطمأنينة والارتياح في نفوس هذا الشعب الذي يعاني من الاحتلال ويخشى على حقوقه ووجوده من محاولات إسرائيلية متواصلة لهضمها.
وبغض النظر عن خلفيات وأبعاد الحادث الذي وقع في غزة والتفسيرات التي أعطيت له فإن امتصاص حالات الاحتقان وما يمكن أن تولده من فوضى لا يحمد عقباها على الساحة الفلسطينية, يتوقف في معظمه على شفافية الإجراءات الحالية وعلى التوافق الذي تحظى به الشخصيات الفلسطينية المرشحة لشغل مناصب حكومية وحزبية داخل السلطة الفلسطينية وفي الفصائل.
فالشعب الفلسطيني الذي وقف خلف مقاومته وقدم الغالي والرخيص لها, من حقه أن يعبر عن إرادته ورأيه في الإجراءات المتخذة, وذلك عبر القنوات القانونية والديمقراطية وما يكفل له هذا الحق الإنصات والاستماع لمطالبه, فالأولوية للحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية في هذه المرحلة والحديث الذي تتناقله وسائل الإعلام عن الاستعدادات الإسرائيلية لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين, هدفه خلط الأوراق وتشتيت الجهد الفلسطيني في أكثر من اتجاه وجانب بغية إيجاد ثغرات تمكن إسرائيل من استغلال المرحلة الحالية بما يخدم مطامعها ومساعيها لدفع الفلسطينيين إلى الاحتراب الذاتي.