تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 18 / 11/2004م
محمد خير الجمالي
المشاهد المرعبة التي رشحت عن الهجوم الأميركي الواسع على مدينة الفلوجة وتخللتها صور التدمير للمنازل والمساجد, وجثث القتلى المنتشرة في الشوارع,

والعائلات المهجرة بالمئات إلى حواف المدينة وخارجها, تنبىء عن أن كارثة إنسانية مخيفة حلت بالفلوجة رغم التعتيم الإعلامي الذي رافق الهجوم العسكري الواسع عليها, وتحكم قوات الاحتلال الأميركي بما ينشر ولا ينشر من أنباء وصور عن نتائج هذا الهجوم ووقائع المعارك الدائرة في إطاره منذ أكثر من عشرة أيام.‏

يحدث هذا بذريعة (مكافحة الإرهاب) وملاحقة أبي مصعب الزرقاوي ومن أسمتهم قوات الاحتلال بالمتسللين الأجانب; أي إرهاب وأي زرقاوي وأي متسللين أجانب في الفلوجة, حتى تكون المدينة هدفاً لتدمير مجاني ترتب عليه حدوث كارثة إنسانية مرعبة تجلت بمئات القتلى والجرحى ونقص الغذاء والماء والإمدادات الطبية وإصابة مئتي مبنى بأضرار جسيمة..?!‏

تحدثت وسائل إعلام كثيرة في الشرق والغرب عن أن الزرقاوي مجرد شبح يتم استغلاله للتغطية على العمليات العسكرية الواسعة لقوات الاحتلال ولصق تهمة الإرهاب بالمقاومة العراقية, وتوليد القناعة لدى العراقيين بالحاجة إلى قوات الاحتلال بذريعة مواجهة الإرهاب والإرهابيين في العراق وضمان استقراره واستكمال مشروع دمقرطته وحريته الذي جرى تسويغ الغزو على خلفيته.‏

وهذه الفرضية عن الزرقاوي ستظل هي القناعة السائدة إلى أن يثبت العكس وتتأكد حقيقة أن الزرقاوي ليس شبحاً يتم تمرير خطط الغزو الأميركي للعراق وأهدافه بالمبالغة في خطر وجوده داخل العراق, على طريقة المبالغة بخطر امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل والتي ثبت أن وجود هذه الأسلحة ومن ثم علاقة العراق بتنظيم القاعدة قبل الغزو لم تكن أكثر من خدعة هدفها تضليل الرأي العام الدولي والأميركي واستمالته لتأييد الحرب على العراق.‏

والأمر نفسه ينسحب على قصة المتسللين الأجانب إلى العراق, حيث كشفت نتائج الهجوم على الفلوجة عن وجود أربعة وعشرين أجنبياً فقط بين أكثر من ألف شخص عراقي جرى اعتقالهم في هذه المدينة, أي أن نسبة الأجانب المعتقلين لا تتعدى اثنين بالمئة ممن جرى اعتقالهم , مع ضرورة الإشارة إلى أن هؤلاء معتقلون وليسوا مدانين, وقد يكونون من المقيمين في العراق.‏

وهكذا فإن تحليل أحداث الفلوجة في بعديها العسكري و السياسي, يدفع إلى الاستنتاج بأن هدف الهجوم العسكري الشامل على مدينة يعد سكانها حوالى ثلاثمائة ألف نسمة, يتخطى حدود ذريعة مكافحة الإرهاب والمتسللين الأجانب, إلى تدمير يتم بالمجان للمدينة وسط اختلال فاضح لتوازن القوى ,وإلى تضمين هذا التدمير رسالة لسائر المدن العراقية تقول إن مصيرها سيكون كمصير الفلوجة إن هي رفضت الاحتلال ومارست التمرد والعصيان ضده وأعاقت مشاريعه الموضوعة لأمركة العراق وثقافته, ومصادرة دوره القومي, وتحويله إلى عبء ومصدر ضغط وترويض لدول المنطقة وشعوبها تمشياً مع أهداف النمذجة الأميركية للشرق الأوسط وجعل إسرائىل في مركز التأثير السياسي والاقتصادي للمنطقة.‏

على أن ما يجدر التنبيه إليه هنا هو أن ما يحدث من تدمير مجاني ممنهج بواسطة آلة الحرب الأميركية للمدن العراقية تباعاً وهو ما كشفت عنه خطة إدراج ثلاث عشرة مدينة على جدول عمليات (الشبح الغاضب) وسواه من مشاريع هجمات عسكرية تنتظر عنونتها بأسماء أخرى تفوح منها روائح الإرهاب العسكري والسياسي, يتصل مباشرة بمخطط إعادة إعمار العراق, إذ إن التدمير يتم مجانياً بالطائرات والدبابات والمدفعية والصواريخ,فيما إعادة الإعمار تتطلب تكاليف باهظة من مال العراق وجهده, وفيما الطرف الرابح في محصلة هذه المعادلة الشركات الأميركية المكلفة حصراً دون سواها بإعادة الإعمار. ألم يقل الرئيس الفرنسي جاك شيراك مؤخراً في إشارة إلى استفراد أميركا بمكاسب الغزو( إن بريطانيا قدمت تأييدها لغزو العراق لكنها لم تحصل في المقابل على الكثير, ولست واثقاً أن من طبيعة أصدقائنا الأميركيين أن يردوا الجميل بشكل دائم)? وبالمحصلة ألا يعني هذا كله أن التدمير بالمجان والفاتورة عراقية..!?‏

 

 محمد خير الجمالي
محمد خير الجمالي

القراءات: 30385
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30384
القراءات: 30393
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30393
القراءات: 30388
القراءات: 30388
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30386
القراءات: 30382
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30385
القراءات: 30383
القراءات: 30382
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30388

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية