تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 18 / 11/2004م
علي قاسم
بين واقعية الوعد واستحالته فاصل بالكاد يمكن تلمسه, وبين الجدية والتضليل مساحة تتلاشى في بعض الأحيان أو تكاد,

ومع هذا وذاك يظل الوعد والالتزام بتنفيذه موضع جدل يتصاعد إلى درجة التشكيك التي ذهب إليها باول قبل مغادرته الخارجية الأميركية.‏

والأمر لا يتعلق بسحب تعهد الدولة العظمى والقوة الأكبر, بل يمتد ليشمل مساحة المصداقية في السياسة الأميركية التي وضعها الرئيس بوش في سلة كونداليزا رايس, وهي سلة مليئة بالاحتمالات المتناقضة, وإن كانت الآمال تنحو باتجاه أن تكون أكثر انسجاماً مع المصالح الأميركية, وأن تكون المعيار للتعاطي مع قضايا المنطقة والعالم.‏

وبين بداية الولاية ونهايتها, ثمة متاهة من الاحتمالات والتناقضات التي تزخر بها, عندما تكتفي بإطلاق الوعود, فيما الممارسات المتتالية, والإيحاءات المختلفة تقدم سلسلة من المفاهيم المتدرجة التي تثير أكثر من إشارة استفهام.‏

وفي السياق ذاته كان لابد من قراءة المشهد وفق تداعياته الزمنية, خصوصاً أن التأكيد والتشكيك كانا نتاج موقف أميركي يدرك مسبقاً أن التناقض بحد ذاته حاجة تفرضها التطورات السياسية, مثلما هي أداة للاستخدام المزدوج في تحويل الوعود إلى عكازة سياسية بمضامين متناقضة.‏

ولعل باول, وهو يودع الخارجية الأميركية, يمارس الأسلوب المعتاد الذي درج عليه المسؤولون الأميركيون, حين تأخذ تصريحاتهم صيغة الاعتراف المتأخر.‏

وإذا كان من السابق لأوانه توصيف وجود رايس في الخارجية أو تصنيفها, فإن الواقع يطرح أسئلة كانت قد طرحت في الماضي حول ملامح السياسة الخارجية الأميركية في الولاية الثانية للرئيس بوش.‏

وهي أسئلة أدرجت في خانة الاستنتاجات والتحليلات التي بالغت في استخدام مصطلحات عائمة والتعويل على مؤشرات لم يثبت حتى اللحظة صدقها أو موضوعيتها.‏

ومع تحول السياسة الخارجية الأميركية إلى مؤشر لقراءة ملامح الولاية الثانية, فإن الأهم في هذا السياق هو آلية الإفراز لسلم الأولويات, وترتيب الأجندة وفق مقتضيات الرغبة الأميركية, ولاسيما في هذا الظرف الذي يتخطى بخصوصيته سائر المراحل التي قطعتها السياسة الأميركية.‏

إن المنطقة التي شهدت ولاية عاصفة للرئيس بوش, تنتظر لملمة الجراح, وتتطلع إلى دبلوماسية أميركية هادئة تتجاوز الانحرافات الساخنة التي اتسمت بها السياسة الأميركية.‏

ورغم أن الجميع يدرك أن باول لم يكن يتحمل مسؤوليتها بحكم صراع الأجنحة داخل البيت الأبيض, فإن ذلك لم يحل دون بروز معضلات حقيقية في أداء الخارجية الأميركية, وهي معضلات ستفرض أولوياتها وأجندتها على خليفته رايس في رئاسة الدبلوماسية الأميركية.‏

وبين هذه وتلك لا تزال الحاجة الملحة التي تفرض نفسها على الدبلوماسية الأميركية هي المصداقية التي تآكلت, وجاءت تصريحات باول لتؤكد ذلك التآكل.‏

وهذه المهمة لتلك الدبلوماسية محفوفة بالمصاعب, وتحتاج للكثير من التأني والدقة, وإن كانت الكثير من التحليلات والاستنتاجات لا تنحو بذلك الاتجاه.‏

لاشك بأن الحديث الأميركي المتناقض عن وعد الدولة الفلسطينية يفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات كثيرة أولها, لغة المساومة التي ينطوي عليها ذلك الوعد, وثانيها لهجة التقريب والاستبعاد في ثنائية من الفهم المتناقض وثالثها الاستعداد لمرحلة جديدة من التعاطي الأميركي مع قضايا المنطقة تثير الكثير من الأسئلة وإشارات الاستفهام..?!‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30398
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30391
القراءات: 30394
القراءات: 30391
القراءات: 30388
القراءات: 30393
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30393
القراءات: 30389
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30386

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية