وهذه المشكلة التي ازدادت تفاقما خلال أيام عيد الفطر,لا تعود إلى الأمس القريب,وإنما إلى نحو خمس سنوات على أقل تقدير,ما أدى إلى تكريس الطرق الملتوية والأساليب المزاجية في تحصيل التعرفة.
وفي حال العودة إلى جوهر المشكلة ومناقشتها من جوانبها كافة,فإنه من السهل الوصول إلى نتيجة مفادها,أن المسؤولية ومن ألفها إلى يائها تنحصر في إدارات المرور في المحافظات,فهذه الأخيرة,ولأنها لم تتمكن من الوصول إلى آليات صحيحة في استيراد ما يلزم من العدادات, شجعت القائمين على سيارات الأجرة في قبول هذا التلكؤ واستحسانه,كونه يبرر التلاعب في التعرفة وعدم إنصاف الزبون المحتمل,في حين لو توفرت النيات الحسنة,فإنه بمقدور هذه الجهات استيرادها وبكميات تفوق حاجة السوق المحلية,أو العمل على إنتاجها من جانب بعض الشركات العامة أو الخاصة,بسبب غياب التعقيدات الفنية وتوفر مستلزمات مراحل الإنتاج من المواد الأولية,إلى جانب حضور أصحاب الكفاءات والخبرات.
حقيقة,لا يبدو أن هناك مشكلة تؤدي إلى مثل هذا التسويف والتأخير,فأصحاب سيارات الأجرة-وفي حال صدور شكاوى بحقهم-يؤكدون وبفم مليء أنهم قاموا بتسديد الأثمان والرسوم قبل أن تسمح لهم إدارات المرور مزاولة العمل,..وما يثير الريبة والاستهجان في آن,أن بعض التقديرات والاجتهادات تشير إلى أن مئات ملايين الليرات المسددة أصولا,مازالت حبيسة الأدراج منذ سنوات دون أن يتم الإعلان عن مناقصة أو عروض من شأنها السعي إلى تذليل هذه المشكلة والتخلص منها,ما يعني أن ثمة معوقات بحاجة إلى المعالجة الفعلية والسريعة,وبمنظور البعض أن هذه المعوقات تندرج في غالبيتها ضمن إطار الروتين والبيروقراطية وفلتان الإجراءات الإدارية وترهلها,والابتعاد عن حس المسؤولية من جانب بعض الجهات والمؤسسات الحكومية.
لسان حال الغيارى والناس العاديين يقول:إنه في حال سماح الحكومة للقطاع الخاص باستيراد العدادات ومن ماركات مختلفة ومن أكثر من مصدر,فإنه سيتم توفيرها بين ليلة وضحاها وبأسعار تقل كثيرا عن مثيلاتها في المؤسسات العامة..,ومن باب التذكير لا أكثر فإن أي عداد في بلد المنشأ لا تصل قيمته الفعلية إلى أكثر من ألف ليرة سورية,في حين تقوم الجهات العامة بتسويقه بمبلغ لا يقل عن 14 ألف ليرة.
بمنأى عن الكثير من التفاصيل والملابسات التي تحيط بأسباب استيراد العدادات,فإن غيابها ودون وجود أي مبررات,يستدعي حضور إجابات مقنعة,خاصة وأن تعميم هذه الخدمة يسهم وإلى حد كبير ليس في الحد فقط من المشاجرات والملاسنات بين السائقين والزبائن,وإنما أيضا في محاكاة أساليب التطور الحضاري في وسائط النقل العامة,دون أن ننسى أن هذه الخدمة التي شغلت مساحة واسعة من الشكاوى في وسائل الإعلام,باتت من منسيات دول العالم ومنذ أواسط القرن الماضي.!