فعلى الرغم من أن العالم - وضمناً منظمته الدولية - يدعو الى إعطاء الحكومة السودانية الفرصة الكافية لتحقيق الأمن والاستقرار في هذا الإقليم المضطرب, إلا أن الكونغرس الأميركي اتخذ قراره على عجل , معتبراً ان مايجري غرب السودان هو نوع من ( الإبادة الجماعية ) مما أثار حفيظة الأشقاء السودانيين الذين عبروا عن قناعاتهم بأن القرار الأميركي يخفي وراءه أهدافا سياسية ضد مصالح السودان ( أرضاً وشعباً ) فما حقيقة هذه الأهداف وماذا وراء الأكمة ?!.
لايخفى على أحد أن محاولات الولايات المتحدة وبريطانيا الحثيثة لتدويل مشكلة دارفور عبر نقلها الى مجلس الأمن وفرض عقوبات اقتصادية على السودان, تصب في نهاية المطاف في مشاريع الطرفين ( الشرق - أوسطية ) لتغيير ملامح الخارطة السياسية لمنطقتنا, بما يتوافق ومصالحهما الاستراتيجية , ولنا في المثالين العراقي والأفغاني خير شاهد على ذلك ,حيث الخطوات ذاتها والقرارات ذاتها والاستعجال نفسه .
ألم تتحدث أطراف دولية عديدة عن رغبة واشنطن في وضع قدم لها غرب السودان, وعلى مقربة من القواعد العسكرية والاقتصادية الفرنسية في البلد المجاور ( تشاد ) ? وهل الحديث عن النفط المكتشف في غرب السودان وجنوبه - الذي بدأ يسيل لعاب الشركات الأميركية والبريطانية - منفصل عن المخططات التي تحاك في دوائر صنع القرار الأميركي والبريطاني من خلال استغلال أزمة دارفور ?!
ثم ألا يرتبط التحرك الأميركي ( الغيور على حقوق الانسان في السودان !) بأهداف الكيان الإسرائيلي المعلنة, منذ عقود للوصول الى منابع النيل وثروات هذا البلد العربي الذي يشكل قارة بحد ذاته ?!
إن موضوع التدويل كله يأتي في اطار ترتيب المنطقة من جديد وعلى المستوى التكتيكي اللعب على ايقاعات الانتخابات المقبلة في واشنطن ولندن ,وصرف انظار الأميركيين والبريطانيين عما يجري في العراق الآن, وماجرى في السابق من تزوير للحقائق وتشويه للوقائع , ألم يقل وزير الخارجية السودانية بأن ما يجري من استثمار لهذه الأزمة شبيه بماجرى في العراق الشقيق قبيل احتلاله? أليس نقل هذه القضية إلى مجلس الأمن بهذه السرعة يشكل عملاً استباقيا لامبرر له ولايمكن فهمه , إلا في إطار الأجندة الأميركية - البريطانية لمنطقتنا ?!