فإن خضت المعركة على أرض لا تعرف تضاريسها, مع خصم يتستر على تكتيكاته, ويموه أهدافه الاستراتيجية فلا بد أن كل عناصر الخسارة منعقدة.. والعكس بالعكس..
المتشددون الذين يروجون في الغرب لفكرة الصراع الحضاري يفرخون أبناء يشبهوننا.. فإذا كان الغرب قد نجح حتى الآن في تمويه أهدافه خلف بهرج فني أخاذ وبنيان فكري صلب, إلا أنهم مثلنا الآن: كلما تعثر الخطاب أو عرج العمل تذرعوا بهدف سياسي, واحتموا بشرف الموضوع كعباءة تستر العيوب والعورات, لكنها في الحقيقة لاتصد حرا ولاتحمي من قر.
من غافل علمه, أطلق مخرج طروادة تصريحا ناريا حول التشابه بين الرئيس جورج بوش والملك اجا ممنون وبين الحرب على العراق والحرب على طروادة , ما خلق دافعا اضافيا لرؤية الفيلم بعد كل ما قيل عن ميزانيته الضخمة ونجومه الكبار وموضوعه الخالد.. فإذا الفيلم باهت بارد, اعتمد خدعا بدائية جعلت معاركه شبيهة بتلك التي يتحكم بها الصغار على أجهزة الأتاري.. ولم يقم العمل على رافعة القراءة المعاصرة لأحداث ماضوية.. اللهم إلا إذا كانت يومية الحوار وألفته بدل جزالته القديمة هي الملمح العصري في الكلام.
أما أن دوافع الغزو والاعتداء والاحتلال واحدة على مر التاريخ, فكذلك هي جذور الكراهية, ونبالة الحب دون أن يعني ذلك تشابها بين عطيل وعنترة مع أن للإثنين لون البشرة ذاته.
الطريف أن هذه المقارنة لم تلتمع في ذهن المخرج, إلا بعد أن هوجم الفيلم كعمل فني خالص..
والظاهر أن ترسانات الاختلاف باتت تنهار واحدة تلو الأخرى.. فآليات الاستنطاق والاستجواب واحدة, الشبهة على الهوية كذلك, والأهم أن ذاكرتهم صارت مثقوبة, كل يوم يطلع عليهم مسؤول بتصريح يناقض ما سبقه.