أجل , حين تكون حجارة الجحيم ناطقة , فلا يرى كريستول في الثقافة العربية الراهنة سوى ( محاولة ايديولوجية لإعادة الاعتبار إلى ... الهمجية ) .
كما لو أنه لم يقرأ توني موريسون , أو جيمس بولدوين , أو حتى ستانلي هوفمان , وهم يصرخون : ( كيف لهذا العالم أن يتحمل أيدينا القذرة ).
لكن كريستول لايتوقف هنا , بل أنه يتحدث , بالفظاظة إياها , بالبلاهة إياها , عن العلاقات بين لبنان وسورية , من يقرأ لذلك الأعمى يحسب ان لبنان في كوكب وسورية في كوكب آخر . حقاً إنه لايعلم شيئا لا عن تاريخ البلدين ( إن حكت أوغاريت أو إن حكى جبل الشيخ) , ولا عن جغرافيا البلدين , ولا عن ثقافة البلدين,ولا عن الناس في البلدين , ولا عن السماء في البلدين .
يارجل , اسأل أزهار الجنوب : يدان لحافظ الأسد الذي غسل هذه الأرض , بالقامات العالية , من البربرية التي , ومنذ تلك التجربة , دخلت كليا في هذيان الدم , انظروا إلى أين يصل بأرييل شارون هذيان الدم !
يا رجل , إننا مع بشار الأسد , لايعنينا ماتقولون , لأننا في زمن الرؤوس المطأطئة , لايمكننا إلا أن نكون مع الرأس المرتفع , ومع الموقف المرتفع , ومع القضية المرتفعة هل هذه هي المرة الأولى ( والأخيرة) التي يأتي فيها الإعصار ويذهب ..
الإعصار يذهب وهو حافي القدمين إذاً هل هناك من يأتي بعكاز خشبي للإعصار ?
يارجل , ثمة دقات قلب , وثمة ناس أرواحهم هنا في أرواح الناس الذين هناك وثمة خبز , وثمة حلم , وثمة هواء , وثمة طفولة, وثمة شيء من غرناطة , ومن الجليل , وثمة شيء نفهمه نحن وحدنا ( يا أيها الذين لاتفهمون) يجعل اللبناني سورياً ويجعل السوري لبنانياً , لم يأت كل واحد منا من كوكب كما تعتقدون إننا ننتمي إلى سنبلة قمح واحدة ولعلك , يا رجل , لم تقرأ ما كتبه بنيامين فرنكلين عنكم أنتم الأميركيون ( أميركا الموجودة على وجوهنا ) . هذه هي حالنا نحن , لبنان وسورية ومتى كانا اثنين في وجوهنا , أيضا وأيضا في أرواحنا ?
حين تتقيأ حجارة الجحيم كل تلك المروءة : نحرر لبنان من سورية , ونضعه تحت خيمة أرييل شارون , ماذا قال سيلفان شالوم غير ذلك بعد ساعات فقط من صدور القرار 1559?
قال وفهمنا كل ما وراء هذا القول . الغرابة أنهم لايدركون ما جرى في كل تلك السنوات , الغرابة أنهم لايدركون ما في وجوهنا , عندهم عاموس أوز الذي يعلق (هل هي الرغبة ثانية في أن نأكل الوحول ?).
هي الرغبة ثانية في أن تأكلهم النيران ...!
هذه ليست فقط صرخة قلب , حين تكلم جورج بوش في اسطنبول خلال قمة الأطلسي قال : إن أهم ما قام به الحلف هو عقلنة المسافات من أجل عالم آمن ).
ماذا حين لاتكون هناك مسافة بين لبنان وسورية , أليس أهم مانقوم به هو عقلنة الموقف , وعقلنة السياسات , في مواجهة الخطر..يا رجل , إن خيمة أرييل شارون تمزقت , جنوبا , من سنوات , ولن تتمكن السكين , قطعا , أن تفصل نصف الروح عن نصف الروح?
أما آن لتلك العيون ( العقول ) , ولو قليلاً , أن تتفتح ?