تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاحد 26/9/2004
علي قاسم
لم تكن تلميحات رامسفيلد واعترافاته الأخيرة مجرد تغييرات في منحى السياسة الأميركية بل جاءت بصيغة إقرار مسبق بأن التداعيات والانعكاسات قد فاقت قدرة الإدارة الأميركية على التضليل والخداع فضلاً عن التحمل.

وإذا كانت الذرائع تساقطت تباعاً, فإن الاعترافات أيضاً ستأتي تباعاً, وما أقدم عليه رامسفيلد لم يكن سوى التمهيد المبدئي لسلسلة من التراجعات في السياسة الأميركية.‏

ولكن ربما كان التوقيت الذي دفع برامسفيلد للإدلاء بهذه المواقف هو الأكثر إثارة حتى من الاعتراف ذاته, بدليل أن التوجهات العامة والخطوط العريضة لمواقف الإدارة الأميركية, لا تزال تجتر الموقع ذاته مع بعض التعديلات الطفيفة ازدياداً أو نقصاناً.‏

وعندما تأتي الخطوة الأولى من رامسفيلد بما تنطوي عليه من تغييرات في منحى الاستراتيجية, وفي لغة المهادنة, وحتى الإقرار, لابد لنا من التوقف وإعادة النظر في الكثير من المعطيات القائمة.‏

فقد برز أولاً إلى السطح التشكيك بإمكانية إجراء الانتخابات, ثم باقتصارها على مناطق محددة, وأخيراً وليس آخراً الاعتراف بصعوبة البقاء وإمكانية الانسحاب حتى قبل أن تحقق ما ادعته لزمن طويل.‏

كل هذا ألا يدفع نحو قراءة مختلفة في مشهد تكاد أن تختلط فيه الخطوط, وتتقاطع حوله الاحتمالات بصورة غير مسبوقة?!‏

ليس من باب الترويج, ولا هو في إطار الانسياق وراء ما قد يعتبر بنظر الكثيرين, تداعيات متسارعة لحدث لم تضبط معطياته بشكل صحيح, إنما هي انعكاس لإدراك يعرفه الجميع حول موقع رامسفيلد ودوره مع أمراء الظلام من مساعديه في هذه الحرب.‏

وبالتالي, أليس من المشروعية رهان البعض على أن اعترافات رامسفيلد حلقة أولى في سلسلة لن تنتهي عند حدود التبدلات في الخطوات التكتيكية التي وعدت بها الإدارة الأميركية, بل ستذهب إلى أبعد من ذلك, حتى أن هناك من فسرها كتمهيد لاتجاهات الولاية الثانية للرئيس بوش إذا ما تحقق له البقاء?!‏

والأكثرمن ذلك هو توازيها مع لغة سياسية أميركية تبتعد عن لغة الاستفزاز والتفرد وهو ما اتسمت به كلمة الرئيس بوش أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة, وهو أيضاً ما برز في تصريحات باول التي عادت للظهور في الحلبة السياسية بعد أن غيبت لأشهر.‏

ولكن ذلك كله قد لا يقدم الحلول لمأزق سياسي وعسكري يتفاقم, وملامح فشل تظهر هنا وهناك في السياسة الأميركية وخصوصاً في استفحال وتفاقم الوضع العراقي.‏

والتبريرات الأميركية لربط ازدياد أعمال المقاومة العراقية بموعد الانتخابات لا تلقى إصغاء الكثيرين, حتى ولو كان ذلك الربط له بعض المصداقية, فإنه يفتقد لعوامل الإقناع, ويبدو عاجزاً عن تفسير الكثير من الظواهر والأحداث التي تتعدى ذلك الربط بكثير.‏

بهذه الصيغة تأخذ الاستنتاجات والتفسيرات المرتبطة بذلك الإقرار الأميركي على لسان رامسفيلد بعداً آخر يتعدى حدود الإدراك والاعتراف وحتى المراجعة, ولاسيما في موسم انتخابي شديد السخونة لم تعد تفصلنا عن نهايته سوى أسابيع قليلة ستكون حافلة بما هو أشد سخونة من السباق ذاته..!‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30398
القراءات: 30393
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30388
القراءات: 30393
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30388
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30386
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30384
القراءات: 30386
القراءات: 30393
القراءات: 30385
القراءات: 30384
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30385

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية