تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاحد 26/9/2004
رئيس التحرير د. فائز الصايغ
ثمة من يقول إننا خسرنا فرنسا في معرض التعليق على الموقف الفرنسي الجديد لكننا نقول: لم نخسر فرنسا.. ولا نريد خسرانها,

وإذا لم نكسب البعض في قياداتها لأسباب نجهلها فلن نخسر الشعب الفرنسي العريق, لا بل نسعى إلى كسب شعوب الأرض قاطبة, ذلك أن الشعوب تتقاسم المبادئ الكونية, وفي مقدمتها العدل والعدالة.. والحق والحقيقة, والسلام والأمن الدوليان, وهذا ما ندافع عنه ونسهم به مع شعوب العالم وفي المقدمة الشعب الفرنسي الصديق, المزمن في صداقته.. والمزمن في مواقفه المشرفة.‏

لا بل ثمة من يقول العكس.. لماذا خسرت فرنسا حليفاً استراتيجياً مثل سورية - هذا إن خسرت - التي تشاطئ أوروبا وتمثل بوابتها المشرعة على العرب وتحفظ لها الكثير من المواقف في أغلب الأحيان, وهي المواقف التي عززت لحمة الشعبين السوري والفرنسي, وعمقت من تجربتهما, وجذرت الكثير من مصالحهما المشتركة والمتبادلة طيلة العقود الماضية,بعد ان طوى الشعبان حقبة الاستعمار وتناسيا جراحها.‏

أما وقد اندفعت فرنسا لتضيف ضغوطاً تتقاطع مع الضغوط الأميركية .. الإسرائيلية المنشأ, وتلتقي مع مفرزات وتداعيات الحرب الأميركية على العراق, والتي وقفت فرنسا ضدها, فهذا أمر يدعو إلى الاستهجان والاستغراب, ليس بسبب عمق الصداقة الفرنسية السورية وقبلها الفرنسية اللبنانية فحسب, وإنما بسبب موقف فرنسا وشعبها من الحرب على العراق من جهة, وموقف الرئيس شيراك من الرئيس بوش, ومن التزاماته التي تلاشت إزاء القضية الفلسطينية, وإزاء الوضع المتدهور في العراق.‏

وإذا كانت الأوساط السياسية الأوروبية المطّلعة تقول في تعقيبها على قمة مدريد الثلاثية التي جمعت الرئيس الفرنسي برئيس وزراء اسبانيا وألمانيا, والتي تشير إلى أن الرئيس ثاباتيرو رئيس وزراء اسبانيا يعتقد بأنه بقدر ما يبتعد عن الرئيس بوش - وتعني سياساته - بقدر ما يقترب من أغلبية الإسبان لا بل من أغلبية الأوروبيين التي عارضت الحرب ,وما زالت تطالب بوضع حد فوري لها, فماذا ستقول هذه الأوساط, بهذا الاقتراب المفاجئ للرئيس شيراك من الرئيس بوش- وتعني سياساته - أيضاً..? وهل, والسؤال للأوساط نفسها, أسقطت قمة مدريد المقاربة المجازية بين(أوروبا العجوز) و(أوروبا الشابة اليافعة) التي تفتق عنها خيال الوزير رامسفيلد إبان الزهو الساذج للانتصار الأميركي في العراق, وهل يعني هذا الاقتراب المفاجئ ابتعاداً عن موقف أغلبية الفرنسيين, لا بل أغلبية الأوروبيين التي عارضت الحرب مضافاً إليها أغلبية العرب الذين توجسوا من تبني قرار فرنسي أميركي يستهدف أقرب المقربين العرب من فرنسا ومن شعبها..?‏

وعندما راهن العرب على موقف أوروبي موحد وفاعل, سواء لجهة سلام وأمن المنطقة وشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط, أم لجهة التفاعل الحي بين الشعوب العربية والأوروبية المتشاطئة والشراكات بينها, كانت فرنسا اللبنة الأساس والركن المتين الذي يستند إليه العرب وعليه يعوِّلون مستقبلاً مشرقاً من التعاون الثنائي والجماعي على خلفية موقف أوروبي متوازن وفاعل ومؤثر لوقف اندفاعة المحافظين الجدد, الذين يتحكمون في قرار البيت الأبيض وتجييره لمصلحة إسرائيل وأطماعها وتوسعاتها المدانة فرنسياً وأوروبياً في آن.. والعرب يواصلون نسج الأماني لبلورة محور أوروبي قوي كفيل بلجم سياسات الحروب, ومنها الحرب المنفلتة من عقالها في فلسطين والعراق..‏

ويكفي ما قالته صحيفة (اللوموند) الفرنسية في مقال لها نشرته تحت عنوان.. لماذا غيرت فرنسا موقفها?‏

جاء فيه: (من الصعب استيعاب الموقف الفرنسي الجديد, ذلك أن القرار الذي دفعت به باريس بالشراكة مع واشنطن يفتح الباب على مصراعيه أمام عدم الاستقرار في لبنان) ثم يتناول المقال الدور السوري حيث اعتبرته اللوموند مساعداً وله وزن لضمان أمن واستقرار لبنان.‏

وما قالته اللوموند لم نقله.. ونأمل ألا نقول أكثر منه, ذلك أن الحرص هو على كسب ود الصديق أكثر من الحرص على عداوة العدو, ولهذا فإن من المأمول أن تنحسر الطفرة الطارئة, وأن يتراجع سوء الفهم وينحسر - إن وجد - لمصلحة القواسم المشتركة, وهي أكثر من أن تعد أو تحصى, وأكبر من اليوميات الطارئة في العمل السياسي ذي الأبعاد الآنية الزائلة أمام الاستراتيجي والتاريخي وعمقهما السياسي والثقافي العريق, الذي يربط بين سورية والعرب من جهة, وفرنسا وأوروبا من جهة ثانية.‏

وما يدفعنا إلى التفاؤل - وهذه سمة الشعوب والقادة الذين يتطلعون إلى المستقبل - هو أن الصداقة السورية الفرنسية تجاوزت أكثر من قطوع ونجحت في أكثر من امتحان .. وهي إن عك¯ّر صفوها تقديرات وتخمينات واجتهادات خارج السياق فهي لن تؤثر على الإيقاع المألوف والتناغم الصافي بين مصالح البلدين والشعبين, هذا مانصبو اليه ونتطلع..ونتوقع ايضا.‏

 

 د. فائز الصايغ
د. فائز الصايغ

القراءات: 30394
القراءات: 30395
القراءات: 30397
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30397
القراءات: 30397
القراءات: 30391
القراءات: 30395
القراءات: 30405
القراءات: 30392
القراءات: 30399
القراءات: 30389
القراءات: 30397
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30393
القراءات: 30395
القراءات: 30390
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30393
القراءات: 30394
القراءات: 30392
القراءات: 30391
القراءات: 30399
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30400
القراءات: 30393

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية