هل سيعودون الى التاريخ يبحثون في طياته عن حكاية قدلا يكون لها طعم أو لون أو يهربون الى الخيال لافتعال أحداث ووقائع تكاد تشعرك انك مستلب من قبل الاخر الذي لا يريد منك إلا أن تتسمر امام الشاشة, خط ثالث ادعى أنه يقدم المشهد الاجتماعي يأخذ من همومنا ومعاناتنا ويحاول أن يقدمها برؤية جديدة او ان يقول:
ها أنا اعيش معكم ,آلامي هي آلامكم ,البعض نجح في ذلك وابدع وقدم شيئا جديدا متميزا ولكن احدا لم يتوقف عنده أو يشير ا ليه ..
والبعض الآخر قدم افكارا جميلة لكنها ذهبت في مهب محاولة استدرار ضحك المشاهد , او تقديم مفارقة ليست مقبولة وإن كان الكاتب والمخرج يريدان ان يقولا انها واقعية وهي ليست كذلك على الاطلاق وهذه هي حال فيلم العريضة الذي بثه التلفزيون العربي السوري في سهرة يوم الخميس الماضي وهو من تأليف الاستاذ محمود عبد الكريم واخراج الاستاذ علي شاهين الفيلم قدم قضية في غاية الاهمية ولا اظن ان قرية من قرى الريف السوري الا وتعاني منها (المخطط التنظيمي الذي استباح القرى وجزأها ..)
لكن محاولة ركوب موجة اللهجة تقليدا لعبد اللطيف عبد الحميد وحتى محاولة استنساخ شخصياته ومرورا بثلاثية (ابي عاكف لعماد ياسين ) هذه المحاولة افقدت الفيلم رصانته, اللهجة الممطوطة المشوهة, الكلمات غير المألوفة ,المبالغة في أداء الممثلين كل هذا يجعل الفيلم اقرب الى التهريج منه الى معالجة قضايا تهم الريف.
الواقعية لاضفاف لها ,لكن ضفافها عند محمود عبد الكريم وعلي شاهين هي ضفاف اليباس وتقديم صورة نمطية ليست هكذا على الاطلاق,يبدو ابن الريف في العريضة وكأنه خارج من اعماق المجهول مبهور بكل شيء, والغريب في الامر ان ذلك لم يكن منذ قرن فكيف يحدث الآن.. فيلم العريضة اراد ان يقدم شيئا ما, لكن عباءة الاخرين ظللته وهي عباءة ليست حقيقية فضاعت الفكرة ولن يبقى منها الا ما بقي من فيلم رسائل شفهية (روح قلها ..).