, لكن ,
بكل تأكيد لايكاد يختلف اثنان بشأن الوظيفة التي يمكن أن يؤديها السفير العربي في الخارج, لجهة التعريف ببلاده ومواقفها من القضايا المطروحة على الساحة الدولية , وبشأن الواجب الذي ينبغي أن يقوم به على المستويات السياسية والثقافية ,ومحاولة استقطاب - في أقل تقدير - المثقفين الغربيين والأجانب الذين يقفون إلى جانب قضايانا العادلة في كتاباتهم ولوحاتهم ومنشوراتهم.
بل أن الحديث عن واجب القيام بمثل هذه المهام يبدو حديثاً شديد التبسيط , ويكاد يرى البعض في مطالبة السفراء العرب القيام به سذاجة مابعدها سذاجة , إذ إنه إذا كان السفير وأركان السفارة وملحقاتها لم يقوموا مجتمعين بذلك فما الأعمال التي يقومون بها إذاً?! .
كي لانثير الاستغراب.. فإن مناسبة الحديث والتساؤل عن سفرائنا العرب هو مالفت انتباه السفيرة الاسرائيلية في النرويج ليورا هرتزل , ولم يسترع انتباه جميع السفراء العرب في أوسلو , والذين كان الأحرى بهم أن يحتضنوا الفنان النروجي سيجورد بيورن انجفيك لا أن يتنبهوا إلى عمله الفني الذي انتصب في ميدان يونجشتورجت وسط مدينة أوسلو.
العمل الفني هو عبارة عن نصب اشتمل أحد جوانبه على صف من الكلمات هي : أرييل شارون .. الدمار .. الاغتصاب والقتل .. صبرا وشاتيلا .. وببساطة فهو يشير إلى الأعمال الإجرامية التي نفذها شارون - ومازال يستكمل تنفيذ المزيد منها - في فلسطين ولبنان.
السفيرة هرتزل أثارها النصب , وراحت تفكر في خضم ثورتها عن ذريعة تتقدم بها إلى الحكومة النروجية أو إلى بلدية أوسلو , لكنها لم تتمكن من العثور على حجة للمطالبة بإزالة النصب من مكانه سوى التذرع بأنه يعد في قاموسها عملاً معاديا ً للسامية , لطالما اعتاد الاسرائيليون ابتزاز وجلد الغرب كل الغرب بإشهار سلاح معاداة السامية في وجههم عند كل صغيرة وكبيرة تبرز في المجتمعات الغربية , وعند بروز أي موقف سياسي موضوعي للحكومات تجاه سياسات إسرائيل العنصرية والإرهابية .
هي دعوة للتمعن في ضعف الحجة من جهة , حيث لايمكن لعاقل أن يعتقد لبرهة أن إبراز الجانب الإجرامي والإرهابي لشارون -وهو مجرم الحرب المعروف عالمياً - هو معاداة للسامية ,كما لايمكن لأحد أن يختزل السامية في شخص ش¯ارون , خاصة أن الفنان النروجي لم يذكر إسرائيل ولا اليهودية , وإنما سلط الضوء على جرائم شارون , وهو معروف في بلجيكا والنروج وغيرهما من الدول الغربية على أنه مجرم حرب , وأنه مازال مهدداً بالمحاكمة هناك لارتكابه جرائم حرب.
وهي دعوة - من الجهة الأخرى - لكل السفراء العرب والمعنيين للاهتمام بنتاج أمثال الفنان انجفيك والكاتب الفرنسي روجيه غارودي وحفيد المهاتما غاندي أرون غاندي و .. وغيرهم , واحتضانهم , ذلك أنهم يمثلون سفراء اضافيين لنا ولقضايانا في بلادهم , فهل يعمد سفراؤنا العرب إلى مراجعة أجنداتهم ونشاطاتهم اليومية ليتعرفوا الى أي حد هم غائبون عن فعاليات المجتمعات التي أوفدوا إليها كممثلين رسميين لدولهم وش¯عبهم العربي بقضيته وتاريخه الثقافي والحضاري ?!