الظروف الموضوعية المعوقة للنجاح , ولعلي أقف مطولاً عند تجربة مهرجان طريق الحرير التي أضحت تقليداً سنويا يسجل تطوراً جديداً في كل دورة . ففي العام الماضي جرى الافتتاح أمام مدخل قلعة حلب الشهيرة واستعاد الحضور مشاهد تاريخية من وصول القوافل التجارية إلى حلب وتوقيع أول اتفاقية لتبادل السلع والحرير بين حلب والبندقية . وفي العام الأسبق قدمت وزارة السياحة تصوراً لاستقبال قوافل الحرير في مدينة تدمر زمن حكم ملكتها زنوبيا التي أولت التجارة اهتماماً ورعاية يعكس مكانة المدينة - المملكة - كمركز مهم في طريق الحرير, يضمن تحرك القوافل ,ويحميها من مخاطر اللصوص.
واليوم تستعد الفعاليات السياحية لاستعادة لحظات وصول القوافل البحرية في شواطىء طرطوس وجزيزة أرواد , قادمة من شواطئ أوروبا تسعى لحمل حرير الشرق وثقافته إلى القارة الأقرب , والأكثر توقاً لسبر أسرار الشرق ومعايشة مغامراته التي تروى على الامتداد البعيد مابين الجزر البريطانية غرباً وحتى الصين وجزر اليابان والفلبين في أقاصي الشرق البعيد.
وخلال التاريخ الطويل كانت سورية واسطة العقد التي تلتقي عندها حضارات الشرق والغرب وتتمازج فيما بينها مسجلة لسورية دور الريادة في تحقيق دور الحاضن لما تباعد من ثقافات , وما اختلف من تقاليد.
إن طريق الحرير بمهرجاناته الدورية ماهو إلا حلقة في الاستراتيجية العامة للسياحة التي حددت أطراً عامة تتحرك لترسيخها في خطوات مدروسة , مستفيدة من جميع الامكانيات المتاحة , بغض النظر عن المعوقات الصغيرة والعقبات الإدارية المتوارثة عبر عشرات السنين وهكذا بدأت عملية الترويج المدروسة بحيث لاتكون فيها الخيارات عشوائية , لكنها تركز على النوعية وتختار الدول الأكثر تصديراً للسياح دون أن تتناسى البلدان الواعدة , ويتزامن هذا الترويج مع اتساع عملية التدريب المستمرة فيما يتم بحث معوقات الاستثمار في المجالات السياحية سعياً لتذليلها, الامر الذي يسمح بجذب استثمارات عالمية تستفيد من المزايا الاستثنائية التي يتمتع بها بلدنا ..
ولعل اللافت في الدورة الحالية لمهرجان طريق الحرير تزامنه مع توقيع اتفاقية للتعاون والتبادل السياحي مع جمهورية اليونان الصديقة التي أعلنت إنشاء وزارة للسياحة منذ أيام قليلة , وكان توقيع تلك الاتفاقية باكورة النشاطات والمعاهدات التي يوقعها أول وزير للسياحة في اليونان التي تستقدم أكثر من ثلاثة عشر مليون سائح في العام , ولها تجربة متطورة في استثمار المنشآت السياحية وإدارتها تعود لأكثر من خمسين عاماً , ومن المؤكد أن هذه الاتفاقية ستتيح لقطاعنا السياحي الحكومي - والخاص الاستفادة من تلك التجربة التي ستدخل الفعل المنتج منذ الصباح وفقاً للآليات التنفيذية التي صاغها الطرفان .
ويبقى الحرير , طريقاً , وتجارة , وتبادلاً مناسبة متجددة تنسج خيوط علاقات قوية تنعكس إنتاجا وريعاً في الكثير من مناحي الحياة , ويبدو أننا بدأنا نتلمس بعضا من الطريق الصحيح.