هذا التصرف الإجرامي والأحمق والجبان يندرج في إطار المحاولات الإسرائيلية الرامية لدفع المنطقة إلى مزيد من عدم الاستقرار, ويفتح الباب واسعاً للسؤال: إلى أين تتجه إسرائيل في سياستها الإرهابية, وأين دور المجتمع الدولي عموماً, والولايات المتحدة خصوصاً, في كبح جماح الإرهاب الإسرائيلي المنظم داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها?
لاشك أن أسباباً عدة دفعت إسرائيل إلى الإقدام على هذا التصرف الخطير, ومنها الإخفاق الذريع في النيل من صمود شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة التي توجه ضرباتها الموجعة للاحتلال الإسرائيلي, ومحاولة مكشوفة لتصدير الأزمة الناجمة عن هذا الإخفاق إلى الخارج تهرباً من المسؤولية عن فشل السياسات الإجرامية التي تتبعها حكومة شارون ضد شعبنا الفلسطيني, ولا يمكن أيضاً تجاهل الانزعاج الإسرائيلي الواضح من التقارب السوري - الأميركي المستند على الحوار حول القضايا التي تعاني منها المنطقة والاتفاق على بحث نقاط الخلاف وإيجاد حلول عادلة لها.
فالحكومة الإسرائيلية تريد خلط أوراق المنطقة والحؤول دون تحقيق أي استقرار فيها, وعمدت لارتكاب هذه العملية الإرهابية بدمشق أملاً وسعياً وراء تصعيد خطير ترى فيه مخرجاً لمشكلاتها الأمنية والسياسية, ومنفذاً للتهرب من الاستحقاقات التي أخذت على عاتقها تنفيذها أمام الإسرائيليين والمجتمع الدولي, وخاصة تلك المرتبط منها بخطة الفصل الأحادي الجانب عن الفلسطينيين والانسحاب من قطاع غزة.
طبعاً إسرائيل تتحمل مسؤولية تبعات هذه العملية الإرهابية, فمن حق الشعب الفلسطيني المستهدف بإرهابها في الداخل والخارج الدفاع عن نفسه بالوسائل التي يراها مناسبة وضمن الظروف المتاحة والممكنة, وليس من صلاحية أحد حرمانه من هذا الفعل في ضوء تقاعس المجتمع الدولي عن كبح جماح الإرهاب الإسرائيلي المنظم وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
ومن المفترض بالمجتمع الدولي والدول التي تدعي محاربة الإرهاب التحرك سريعاً لإدانة العملية الإسرائيلية وفرض الإجراءات القانونية اللازمة والمستوجبة على إسرائيل تفادياً لتكرار هذه العمليات التي تنتهك القانون الدولي والشرعية الدولية, وتقوض الجهود التي تبذل إقليمياً ودولياً للحد من تصاعد الإرهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
إن هذا التوجه الإرهابي والإجرامي لحكومة شارون يقتضي أخذ الحيطة والحذر الشديدين ولاسيما في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي تحاول فيها إسرائيل استغلال الظروف الدولية والأميركية لتنفيذ مآربها العدوانية ضد الفلسطينيين والعرب, وأمام ذلك يجب ألا يختصر الرد على هذه العملية بالاكتفاء بإدانتها, وإنما يجب أن تكون الرسالة الإرهابية الإسرائيلية موضع اهتمام وتحرك عربي واسع, ذلك أن الإرهاب الإسرائيلي المنظم لا يميز بين دولة عربية وأخرى.