فقبل إنجاز الدراسة الخاصة بشبكة الصرف الصحي في المدينة القديمة, تم تنفيذ أجزاء من الشبكة, اعتمدت على عقود بالتراضي, فجاءت النتيجة هدراً للمال العام, وضرراً على القاطنين.
ورأت المحافظة أن الدراسة المعدة سابقاً بحاجة لشيء من التمحيص, ومضت سنوات وما زالت الدراسة بين أخذ ورد, وحتى تاريخه لم تشبع على ما يبدو تدقيقاً, لتبقى المدينة ترزح تحت الآثار السلبية لاهتراء الشبكة وسوء التنفيذ.
ولا تتوقف معاناة المدينة القديمة بالحفريات المستمرة, والروائح المزعجة الناتجة عن شبكة الصرف الصحي, بل يتعدى الأمر ذلك, حيث ابتلى سكان الأبنية المجاورة لبردى في باب توما والصوفانية وصولاً إلى قلعة دمشق أيضاً بالروائح الناتجة عن مصبات الصرف الصحي المسلطة على المجرى.
ورغم أن مشروع تهذيب نهر بردى وفروعه يشمل تجميل المجرى ورفع مصبات الصرف عن المسار, عبر تنفيذ قناتين للجر على جانبيه, وتهذيب الفسحات المحاذية للمجرى, فإن واقع الحال, ومع مرور وقت طويل على انتهاء المدة العقدية, يظهر أن قسماً كبيراً من المصبات ما زال يقذف المياه المالحة في سرير النهر, وبقيت المساحات الموجودة على جانبي النهر مرتعاً لتجمع القاذورات والزواحف.
ويبدو أن القصد من ذلك إفساح المجال أمام من يرغب باستغلال تلك الفسحات, لتلقى مصير الأملاك العامة في المحافظة التي تناست الوعود بتحويلها إلى حدائق ومتنزهات.
واستبشرت دمشق خيراً, عندما طرحت فكرة إقامة محطات للمعالجة بريف دمشق, خاصة في بلودان والزبداني والخضرة وقدسيا, لأن المياه المعالجة والتي قدرت بحدود المتر المكعب بالثانية, يمكن أن تغذي النهر في أيام الشح الممتدة لأكثر من ستة أشهر, ولكن ذلك بقي في خانة الوعود.
وأمام تلكؤ أجهزة محافظة دمشق في تجديد شبكة الصرف الصحي بالمدينة القديمة, وتسليط مصبات الصرف الصحي عن سرير النهر, ليس أمامنا إلا الدعوة مع المتضررين, أن تفيض السماء بعطائها حتى يعود تدفق بردى, ويخفي آثار المياه المالحة, وأن يمتلك سكان دمشق القديمة عصا سحرية, ليجددوا شبكة الصرف ويتمكنوا من إيقاف مسلسل التصدعات الناتجة عن تسرب مياه الصرف تحت البيوت.