شريطة ألا يكون الهدف هذا مجحفاً بحق الأصحاب الحقيقيين لتلك الملكية الخاصة, لاسيما إذا كان المستملك ارضاً زراعية يعيش عليها فلاحون كثر. والمشرع هنا وفق المرسوم التشريعي 20 لعام 1983 اجاز ان يكون بدل الاستملاك عادل, وفي حال عدم قبول المالكين بالسعر الذي حدد بقرار الاستملاك يتم تشكيل لجنة لاعادة النظر بتعديل هذه القيمة, بعد تقديم المالكين اعتراضات خطية على ذلك, وقرار هذه اللجنة يجب ألا يؤدي بالضرر بحقوق أصحاب الأرض, بمعنى انه لا يجوز لقرارها - أي لجنة اعادة النظر - أن يقضي بأقل مما قضى به التقدير البدائي, وتكون قراراتها مبرمة وغير خاضعة لأي طريق من طرق الطعن أو المراجعة إلا ما تعلق منها بتصحيح الأخطاء الحسابية أو المساحية.
طبعاً هذه المقدمة أوردناها نتيجة مراجعة عدد من الفلاحين لنا على رأسهم رئيس الجمعية الفلاحية بقرية شبعا التابعة لريف دمشق, ومعهم الوثائق التي تدل على حالة (الغبن) التي لحقت بهم نتيجة استملاك أراضيهم لصالح توسع مدينة المعارض, ولا نريد الدخول بتفاصيل (المماحكات) التي حصلت بين الفلاحين ممثلين برئيس جمعيتهم وإدارة المؤسسة المستملكة والتي أوردوها لنا خطياً مع الوثائق التي تشعر بأن قيمة الأرض قد حولت إلى المصرف الصناعي بموجب كتب خطية موجهة إلى السجل العقاري لنقل الملكية مع تحويل القيمة إلى المصرف, كونه لا يجوز للسجل العقاري إجراء هذا التسجيل إلا بعد أن يتأكد من أن التعويض العادل المتمثل في بدل الاستملاك قد دفع إلى مالكي الأرض, أو تم إيداعه باسمائهم في المصرف وفق المرسوم 20 لعام .1983 لكن على ما يبدو أن هذه (المماحكات) قد لا ترضي أصحاب الشأن كونها تكشف (حالة) الاستغلال التي تعرض ويتعرض لها أصحاب الأرض وهم يراجعون الجهات المعنية للحصول على حقهم في قبض استحقاقاتهم التي لا تجد من يحققها لهم إلا عبر الكلمة الحرة الصادقة البعيدة عن الاستغلال كل البعد مهما حاول الكثيرون الإساءة لبعض من يعملون بها, نتيجة ممارسات هؤلاء الكثيرين التي لا تنم عن روح عالية من المسؤولية, وحسب ما أشار إليه المراجعون ان فواتير قيمة أراضيهم المودعة في المصرف ربما تعادل نصف قيمة الأرض أو أقل قليلاً لأنه مضى عليها فترة ليست بالقصيرة, لا سيما إذا ما علمنا أن عملية الاستملاك هذه قد تمت منذ أكثر من عشر سنوات, ونشير إلى أن قيمة الأرض المودعة أيضاً في المصرف هي نفس القيمة التي أقرت من قبل لجنة إعادة النظر التي طعن بقرارها فيما بعد كونه لم تضمن عبارة (باسم الشعب العربي السوري) تصوروا هذا الخطأ المادي الذي يلغي قراراً في حين أن اللجنة المشار إليها ممثل فيها أصحاب الأرض والجهة المستملكة والمحافظة وقاض واتحاد الفلاحين, لكن على ما يبدو أن النظر بعين واحدة لا يعطي سوى نتائج تعود على أية جهة بالسلبية, لاسيما وأن السلبيات باتت عنواناً لغالبية مؤسساتنا العامة وبخاصة الاقتصادية منها, ونعتقد هنا أنه وبعد مضي أكثر من عشر سنوات آن الأوان لإنصاف أصحاب الحق في قبض قيمة أراضيهم.
بطبيعة الحال ما أشرنا إليه لا ينحصر في مسألة استملاكية محدودة إنما ينسحب على كل عملية استملاك تتم من قبل الجهات العامة, ونعتقد أيضاً أنه آن الأوان لدراسة عمليات الاستملاك بكل تمعن بعيداً عن أية أضرار بالجهة المالكة أصلاً.