ينطوي التساؤل عن التوقيت على استنكار حاد مفاده اننا نمر بظروف دقيقة وحرجة , ومنعطف خطير حيث تتهددنا الاخطار والاطماع ..
حسنا الظروف الدقيقة والمنعطف الخطير هي على الارجح موجودة دائما وكذلك فالآن كما كل آن ثمة مشاريع معلنة يجب ان تنجز واهداف يجب ان تتحقق وتفاصيل عمل لا تتوقف وبالتالي فالآن كما كل آن من حقنا ان نراجع كل ذلك ونتساءل حوله وندقق فيه ..
اما لماذا وزارة الثقافة فاننا في هذه الصفحة (الصفحة الثقافية) لا نعنى كثيراً بعمل مؤسسة الاعلاف ولا يهمنا ما تفعله وزارة الصناعة وكذلك فالحديث عن المعايير المزدوجة في السياسة الدولية هو من اختصاص زملاء آخرين مما يجعلنا نجد انفسنا نقف وجها لوجه امام وزارة الثقافة تحديدا .
مثل كل القطاعات الاخرى, فقد تبنت وزارة الثقافة قضايا كبرى ورفعت شعارات عريضة مثل تثقيف الجماهير , خلق وعي قومي متطور, التكفل بنهضة ثقافية شاملة وهي فعلت كل شيء لاحتكار هذه المهام الجسيمة .الشيء الذي يجعلها الهدف الاول وربما الوحيد لمساءلتنا حول ما آل اليه واقعنا الثقافي . يعتقد الكثير من موظفي الوزارة انهم يقومون بواجبهم على اكمل وجه وهذا صحيح اذا ما اخذنا بعين الاعتبار المعايير الروتينية للعمل: انهم يطبعون كتبا باعداد لا بأس بها ويقيمون الندوات والامسيات ويشرفون على معارض كتب..
ولكن كل هذه الاشياء لا تخرج عن الاطار الشكلي فيما يبقى المضمون اسيرا للعقلية البيروقراطية التي لا تأخذ في الحسبان سوى اداء الواجب وهذا ما يكشفه التساؤل عن الجدوى ,عن النتيجة النهائية والمسافة التي تفصلنا عن اهدافنا المعلنة.
هل فعلت الوزارة شيئاً يذكر فيما يخص النسبة المتدنية (والمستمرة في التدني )لعدد القراء? هل قدمت حلولاً حقيقية لتجعل الكتاب جماهيرياً?
هل ساهمت في خلق مناخ ثقافي منفتح قابل للتعددية ومتسع للحوار ?
ألم تلحظ, بعد, ذلك العدد الهزيل من الناس الذين يرتادون مراكزها ومعارضها ?
تملك الوزارة بلا شك موظفين مخلصين ,وخططاً صارمة ولكنها تفتقد الافكار الخلاقة, تفتقد من يدفعها الى قفزات واسعة وطموحة, بل وبلا مبالغة :إنها تفتقد الى شيء من الجنون بدلا من هذه الرزانة التي لم تحقق سوى مزيد من العزلة .