لن نضيف جديداً إذا قلنا إ ن مجلس الأمن لم ينظر إلى هذه المشكلة إلا من زاوية واحدة, ولم يحاول الأعضاء الدائمون كسر الحاجز الذي فرضته الولايات المتحدة للنظر إلى هذه المسألة بالمنظار الأميركي فقط, بل إنهم تبنوا بالإجماع القرار المذكور الذي يدعو إلى تعزيز الإجراءات الدولية لمكافحة الإرهاب ويحث دول العالم قاطبة للتعاون التام في هذا الإطار, وفوق هذا وذاك توسيع ملاحقة الإرهابيين بما يتعدى (القاعدة)!
هكذا جاء القرار, فرغم أنه أغفل القضية الجوهرية الخاصة بالتفريق بين الإرهاب والمقاومة, فإنه دعا إلى توسيع ملاحقة الإرهاب, لماذا? لأن الإرهاب بنظر أميركا ليس تنظيم القاعدة وأنصارها فقط, بل كل الذين تصنفهم إسرائيل بالإرهابيين من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى الجهاد الإسلامي وحزب الله والمنظمات الفلسطينية الأخرى, ولذلك أصرت واشنطن على توسيع الملاحقة لتشمل كل حركات المقاومة المذكورة, إضافة إلى المقاومة الوطنية العراقية ومقاومة الاحتلال في أفغانستان وكل حركات المقاومة في طول العالم وعرضه.
ولم يكتف السفير الأميركي في مجلس الأمن ( جون دانفورت) بعدم التفريق بين الإرهاب وحق المقاومة بل كان دقيقاً جداً في تصنيفهما في خانة واحدة حين قال: إن التحرير الوطني وحق تقرير المصير لا يبرران الأعمال الإرهابية ضد المدنيين بغض النظر عن أي شيء آخر!!.
وهنا ألا يحق للعالم أن يسأل السفير ( دانفورت): هل كانت الأعمال التي قام بها جورج واشنطن لتحرير البلاد الأميركية من الاحتلال الأجنبي إرهابية? وإذا كانت إجابته ب¯ (لا) فماذا يصفها?.
إن الحقيقة الوحيدة التي يمكن لنا البوح بها- ومن غير تردد- أن هذه النظرة غير الموضوعية للمقاومة ووصفها بالإرهاب هي التي أدخلت المنطقة والعالم في نفق مظلم, فضلا عن أن الحرب على ما يسمى بالإرهاب التي قامت بها أميركا في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول هي التي أدخلت المعمورة في فوضى واضطرابات عنيفة, وجعلت العالم أبعد ما يكون عن الأمن والسلم والاستقرار, وما يجري في العراق وأفغانستان وفلسطين الشاهد الأكبر على ذلك.
يبقى أن نتساءل: أليس من المفترض على القوى العظمى في العالم أن تفكر قبل الحديث عن مكافحة الإرهاب والعنف بالأسباب الجوهرية لهذه الظاهرة النابعة أساساً من إحساس الكثيرين بالظلم والمعايير المزدوجة في التعامل مع قضايا الشعوب?!.