تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الخميس 7 /10/2004
علي قاسم
لم يعد الفيتو الأميركي أمرا طارئا, أو مقياسا للدلالة, بعد أن فقد دوره وجوهره, وأضحى استهلاكا دوريا لحماية إسرائيل من الإدانة الدولية, ووكالة حصرية باسم إسرائيل لتعطيل مجلس الأمن وتغييب دوره.

وحتى تعبير أحد المراقبين في المنظمة الدولية تعليقا على ذلك الفيتو لم يخرج عن ذلك الإطار, وهو يعدد المرات التي استخدم فيها الأميركيون حق النقض, حين شكك بإمكانية أن تقدم واشنطن على احتمالات اللجوء إليه إن لم يكن الأمر متعلقا بإسرائيل.‏

بهذا المحتوى المتردي يتعاطى الأميركيون مع مجلس الأمن ومع المنظمة الدولية, ولكنه المحتوى الذي دفع بالأوروبيين إلى الحديث علنا عن رغبتهم في عدم التجديد للرئيس بوش مرة أخرى, هذا على الأقل ما تقوله استطلاعات الرأي في معظم الدول الأوروبية, بل وفي غالبية دول العالم.‏

وإذا كان على العرب أن يتذوقوا ذلك الاستخدام المكرور والاجترار الدائم لمقولة الانحياز الأميركي, فإن رقعة المرارة لم تعد مقتصرة عليهم, بدليل أن المطالبين بإصلاح المنظمة الدولية -وتحديدا مجلس الأمن- يعتمدون على ذلك الاستخدام ذاته لتحفيز البعض باتجاه الانضمام لقافلة المطالبين.‏

ولعل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن هي ذاتها الأكثر استهدافا, عندما بدت تلك العضوية فاقدة لمعناها في ظل استحواذ الأميركيين على حق النقض بدون منازع, حتى أن في العقدين الأخيرين لم نلحظ إلا نادرا التفكير باستخدامه إلا من قبل الإدارة الأميركية.‏

أمام هذه المفارقة ثمة من خسر رهانه المزدوج على الاعتدال في طرح الصيغ أمام المنظمة الدولية, لأن الصيغة لم تعد هي المقياس للفيتو الأميركي بل المعيار الوحيد هو إسرائيل, وهل الأمر يتعلق بها أم لا?!.‏

وهناك أيضا من خسر رهانه على ما اعتبره مؤشرات على إمكانية تعديل إدارة بوش لموقفها بعد تصريحات باول, التي دعا فيها الإسرائيليين إلى الإسراع في إنهاء عملياتهم, وأراد تفسيرها على أنها معارضة أميركية لما تقوم به إسرائيل, فإذ به يصدم بالفيتو الأميركي, باعتباره التزاميا مبدئيا بالانحياز بغض النظر عن السقف الذي تخطاه الفعل الإسرائيلي.‏

بل هناك ما هو أكثر من ذلك, حيث يصبح التطاول الإسرائيلي على مجلس الأمن مصبوغا بتشجيع الأميركيين ذاتهم, وحين تتحول المنظمة الدولية إلى حالة انتقائية يرحب الإسرائيليون بها حين تستجيب لرغباتهم وإملاءاتهم, ويحولونها إلى مطية للتطاول حين تحاول وضع حد لجرائمهم.‏

وبعد هذا وذاك هل يصلح المناخ لطرح الأسئلة, أم هو بحاجة لأكثر من ذلك وسط ضبابية حالكة تدفع بالعلاقات الدولية نحو الزاوية الضيقة التي تهدد بانفلات شامل?.‏

قد يكون من السابق لأوانه تحميل الموقف كل هذه التداعيات, ولكنه من المشروع بل والملح استباق التداعيات والتفكير بمخارج لمأزق يتفاقم, لم يكتف بشل مجلس الأمن الدولي فحسب, بل يحاول إلغاءه من جهة, وتحوير دوره وموقعه من جهة أخرى, ليصبح التناقض بحد ذاته كافيا للتساؤل عن مستقبله ومستقبل الآمال المعلقة عليه?.‏

إن الفهم الحقيقي للفيتو الأميركي مهما تلونت وتباينت أو تعددت الذرائع والحجج والمبررات لا يخرج عن نطاق الترجمة الإسرائيلية المعتادة لمثل ذلك الفيتو, وإن كان في هذه المرة يقتضي تجاوز المرارة والبحث فعلا عن خيارات حقيقية لتجاوز المأزق الذي يهدد بالفوضى الشاملة.‏

 

 علي قاسم
علي قاسم

القراءات: 30398
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30387
القراءات: 30389
القراءات: 30385
القراءات: 30389
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30388
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30392
القراءات: 30390
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30391
القراءات: 30392
القراءات: 30389
القراءات: 30394
القراءات: 30386
القراءات: 30389
القراءات: 30391
القراءات: 30389
القراءات: 30388
القراءات: 30389
القراءات: 30387
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30386
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30387
القراءات: 30386
القراءات: 30390
القراءات: 30385
القراءات: 30387
القراءات: 30393
القراءات: 30386
القراءات: 30384
القراءات: 30393
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30385

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية