يشكل علامة مضيئة, تسجل في مصلحة وزارة المغتربين, كونها تمكنت من تنظيمه والإعداد له, ضمن فترة زمنية قياسية.., وهذا الإعداد يمثل حصادا لأنشطة وفعاليات بادرت بها الوزارة, من خلال تنظيم المؤتمرات واللقاءات مع روابط وجمعيات المغتربين في أكثر من عاصمة أوروبية وغير أوروبية.
ومع أنه من المبكر استشراف ما سيبحثه المؤتمر من عناوين رئيسية على مدار يومين, فإن المعلومات الأولية, تشير إلى أن المشاركين يصل عددهم إلى أكثر من (300) مغترب, حضروا من (36) دولة.., وهؤلاء ليسوا من المغتربين العاديين, وإنما من أصحاب الكفاءات والخبرات, ذلك أنهم سيقدمون أبحاثا متنوعة, تبدأ من همومهم في دول المهجر, ولاتنتهي عند حدود الآليات والخطط التي من شأنها الاستفادة من خبرات وإمكانات المغتربين المحققة على غير صعيد, إلى جانب إمكان الإسهام في رفع وتائر التنمية من خلال توظيف رساميل جديدة في جسد وشرايين الاقتصاد الوطني.
والمؤتمر المرتقب, لم يأخذ بشعار( مع المغتربين من أجل التنمية) إلا بسبب إدراك القائمين على تنظيمه, أن الذين قصدوا دول المهجر تمكنوا وبشهادة الكثيرين من تحقيق مكانة يحسدون عليها, فهناك, أطباء وجراحون ومبدعون ذاع صيتهم, وحققوا شهرة تجاوزت حتى البلدان التي قصدوها.. وهناك مهندسون ومخترعون وعلماء في تكنولوجيا المعلومات والتقنيات الحديثة, يشكلون أعلاما في الحقول التي تخصصوا بها,.. وواقع الحال ينسحب أيضا على الصناعية والتجارة,.. وحسب بعض المعلومات التي أشارت لها وزارة الاقتصاد قبل أكثر من عامين, أن أموال المغتربين السوريين في الخارج لاتقل عن (80) مليار دولار,وهذا الرقم الأخير الذي يتوقع أنه يزيد عن ذلك بكثير, يتعين السعي للاستفادة منه, وبذل الجهود للتشجيع على توظيف ما يمكن توظيفه واستثماره في الوطن الأم.
استحقاقات كثيرة ستكون برسم انعقاد هذا المؤتمر, ولكن من الأولويات التي يتعين التذكير بها, كيلا تذهب عن أذهان القائمين على تنظيمه, هو أن دمشق سبق لها وقبل نحو ثلاث سنوات,استضافة حدثين مهمين ومميزين, الأول: تمثل في إطلاق شبكة سميت في حينه, بشبكة العلماء والتقانين والمبتكرين السوريين في المغترب, والثاني: ولايقل شأنا عن سابقه, قيام وزارة التخطيط بالتوقيع مع الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دمشق, وثيقة مشروع لنقل المعرفة عن طريق المغتربين الناطقين بلغة الموطن الأم.. والسؤال: ماذا عن مصير هذين الحدثين.. ولماذا غاب الحديث عنهما?!
نتمنى لهذا المؤتمر النجاح وترجمة الشعار الذي أخذ به, ويمكن القول وبشيء من الحسم, إن المغترب السوري يمتلك (غيرية) لامتناهية على الوطن, وهو لن يتردد أو يبخل في العطاء حين تسنح الفرصة وتصبح الظروف مواتية ومناسبة,..والعطاء الذي نعنيه لايأخذ صفة السداد لدين قديم, يتمثل في مأكل وملبس ومشرب, وإنما وفاء للانتماء الأول, حيث ذاكرة المكان التي تتوارث من جيل إلى جيل, ولاتعرف طريقا إلى النسيان.