في حين نجد أن بعض منتجاتنا المتمثلة بالتبوغ تحافظ على تعرفتها وسعرها الحقيقي دون زيادة أو نقصان, في ظل رقابة حقيقية لمبيع تلك السلع, والحد من طمع الطامعين.
وكثيراً ما تدور الأحاديث عن الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار مياه بقين, التي تنتجها شركة بقين, التي بدأت تجارب التعبئة اعتباراً منذ عام 1975 وأنها عرضة للاستغلال أي المياه, حيث تباع العبوة بضعف سعرها الحقيقي من قبل الموزعين تجار الجملة ونصف الجملة والمفرق... في ظل غياب الرقابة, ويكون المواطن هو الضحية والخاسر الوحيد..
فشركة بقين تنتج حوالى 6000 صندوق يومياً سعة الصندوق عشر عبوات, وضعت سعراً لكل عبوة سعتها 1,5 ليتر 12,5 ل.س وتركت تلك الشركة لنفسها نسبة ربح معقولة تمثلت بحوالى 35 بالمئة, وحافظت على سعر منتجها منذ عام 1994 ولم تفكر يوماً بزيادة الأسعار لأن تلك المادة - وكما ترى الشركة- لا تأخذ صفة الرفاهية, والشركة تدرك سلفاً أن تعرفة العبوة بالسعر المذكور خاطئة, لأن المبيع مفترض أن يكون بالصندوق بمبلغ وقدره 125 ل.س وليس بالعبوة المفردة, وهنا لا إمكانية للكسور, التي غالباً ما تجبر لصالح البائع, وهذا يحتاج إلى رقابة مشددة كمراقبة بيع التبوغ, وعندها يتوقف نمو تلك الطبقة والشريحة, التي تتاجر بتلك السلعة.
وهناك فئة جديدة توالدت جراء المتاجرة بالخبز وبيعه أمام الأفران الاحتياطية, وهي أشد جشعاً, وأسوأ منظراً, حيث ينتشر الباعة في منطقة المزة وعند متحلقها الجنوبي, وأمام أفران ابن العميد يبيعون ربطة الخبز بزيادة خمسة وعشرين بالمئة عن سعرها الحقيقي, وينقصون من وزنها وعدد أرغفتها, وحرصاً على هذه الشريحة فإن إيجاد الأكشاك النظامية وتأجيرها لهؤلاء الباعة تكون قريبة من تلك الأفران يعود بالمردود الطيب والريعية الجيدة للمخابز والمواطن, فهذه الأكشاك تنظم عمليات بيع الخبز وتمنع انتشار هؤلاء الباعة من صبية وصبايا ونساء ورجال على الطرقات الرئيسية معرضين أنفسهم لحوادث الدهس, وهم يتراكضون أمام السيارات العابرة وورائها..
وليست ظاهرة استغلال مادة الإسمنت المنتج وطنياً بأقل سوءاً من الظاهرتين السابقتين, حيث يعمد محتكرو هذه المادة إلى بيعها بأسعار باهظة, محدثين أزمة تسويق خانقة, وارتفاع فاحش للأسعار, في حين أن الإنتاج وفير والمواصفات رائعة.
هذه الظواهر وغيرها تحتاج إلى حلول جذرية ورقابة صارمة وإجراءات دائمة لها صفة الديمومة والاستمرار, لا حملات وهبات عشوائية كنسمات الصيف تلوح بين الفينة والفينة لتنعش العليل, لأن التطور أوجب إيجاد المكيفات, لتنعش الجو, وتبقي النسائم منعشة دوماً,وكم هي منتجاتنا الوطنية بحاجة إلى مكيفات تنعشها, وتحافظ على رطوبتها وجودتها, وتبعد عنها شبح قيظ الصيف, واحتكار الطفيليين, وهذه المكيفات تتمثل حصراً بالحضور الدائم والكثيف للرقابة الشديدة على أسعار السلع المنتجة وطنياً وعليها إقبال حفظاً لها من كيد الكائدين, خاصة وأننا مقبلون على استيراد المثيلات, وغياب الرقابة يفقد منتجاتنا الوطنية إمكانية المنافسة وهذا ما لا نأمله..