إنه خبر مهم في سياق البحث عن حلول دائمة لمشكلة السكن في سورية سبقه قبل فترة قصيرة الإعلان عن تشكيل لجنة عليا لوضع استراتيجية وطنية للاسكان,وإذ كنا لا ندري العلاقة بين الخبرين لأن اللجنة العليا ما زالت في بدايتها ومشروع الشركة لم يقرر بشكله النهائي,غير أن ذلك دليل على الاهتمام الحكومي بمسألة السكن وإدخالها في سلم الأولويات.
وبطبيعة الحال فإن توفيرالأراضي للسكن هو أحد المفاتيح لثلاثة مكونات لسوق العقارات وهي الأرض والقرض ومواد البناء,وقد حصل تطور على عنصرين منهما حيث زادت القروض العقارية لتصل الى مليون ليرة للمسكن الواحد الجاهز وصار هناك فائض لأغلب مواد البناء لا سيما الإكساء وبأسعار مقبولة لتبقى مشكلة الأرض ومدى توفيرها سواء للقطاع التعاوني أو العام أو الخاص.
وتفاقمت هذه المشكلة عدة مرات لتصبح مشكلة مركبة وآخرها صدور القانون رقم 1 لعام 2003 الذي يردع كل من يشيد بناء خارج المخطط التنظيمي داخل المدن أو في أقصى قرية نائية في الريف دون أن يجد بديلا.. فأين سيسكن الإنسان اذا كانت المقاسم المعدة للسكن محدودة جدا أو غير متوفرة أو أسعارها خيالية.
أليست المشكلة قائمة أصلا ولا تحتاج الى مزيد من التعقيدات, فالعشوائيات تكاد تخنق المدن والجهات الإدارية كعادتها لا تزال تتأخر في إعلان المخططات التنظيمية.. فكيف يمكننا أن نتصور أن مدينة دمشق-مثلا-لم يصدر مخططها حتى الآن رغم الوعود المتكررة.. وحتى عشرات المدن الصغيرة والبلدان لم يصدر لها توسعات جديدة لمخططاتها منذ عشرات السنين رغم إقرارها من جميع الجهات المعنية.
وهذا كله يؤثر على مصداقية هذه المخططات نتيجة التغيرات على الواقع والتي قد تتطلب أحيانا إعادة المسح الطبوغرافي والدراسة التنظيمية وغيرها.
وحتى عشرات القوانين والتعديلات المتعلقة بالمخططات التنظيمية وأنظمة البناء ومنها مشروع قانون لتنظيم مناطق السكن العشوائي وإزالة شيوعها لم تأخذ طريقها بعد.
ونعتقد أن إحداث شركة لتوفير الأراضي تعمل وفق منهجية متطورة ولديها الصلاحيات سيفتح المجال واسعاً أمام التصدي لمشكلة كبيرة حقاً ليس في المجالين الإداري والقانوني وحسب, إنما أيضاً في الجانب العلمي حيث لابد أن تضم الشركة باحثين أكاديميين ومهنيين وفنيين محايدين لتطوير دراسات التخطيط العمراني الشامل الذي يعالج المشكلات الموجودة والمعطيات القائمة ويربط التخطيط الإقليمي مع تخطيط المدن والأرياف.
إنها مهمة ليست سهلة لكنها ليست مستحيلة خصوصاً إذا راهنا على العلم وحده حيث أحدثت البرمجيات الحديثة ثورة في عالم المخططات من خلال المخطط الرقمي..