ويندرج انضمام مجلس النواب الأميركي الى الرئيس بوش في دعم خطة شارون للانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة ,والاحتفاظ بالمستوطنات في الضفة الغربية في اطار التعاطي الاميركي المنحاز الى جانب اسرائيل لأغراض انتخابية وعقائدية , وبما يسهم في تعقيد الصراع العربي - الصهيوني والحؤول دون تحقيق الرغبة الدولية في تحقيق السلام في المنطقة ,على اساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام.
فتصويت مجلس النواب على قرار بأغلبية 407 أصوات مقابل معارضة تسعة فقط, على الوعود التي قطعها بوش لشارون في الرابع من اذار الماضي والتي تؤيد مطالب اسرائيل بعدم الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران, وتنسف حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين يكشف بشكل فظيع عن مدى استهتار هؤلاء النواب بالشرعية الدولية وعن غطرسة عمياء في التعبير عن دعمهم وانحيازهم لاسرائيل, نزولاً عند عقائد زائفة ومصالح انتخابية آنية.
فهذا القرار لمجلس النواب الأميركي يجرد الولايات المتحدة ومؤسساتها الرسمية من كامل مصداقيتها, ازاء تصديها لرعاية عملية السلام, ويعري المواقف الزائفة والمضللة للرئيس بوش حول قيام دولة فلسطينية والادعاء بالسعي لتحقيق السلام في المنطقة.
فدعم النواب الأميركي لاسرائيل هو جزء من سلسلة تبدأ بالبيت الأبيض وتنتهي بأصغر مؤسسة سياسية أميركية, ويبلغ هذا الدعم ذروته وفظاعته قبل الانتخابات الأميركية التي تشكل العامل الأساسي والحامل الأمضى بيد اللوبي الصهيوني, لتمرير المطالب الاسرائيلية داخل أوسع المؤسسات السياسية والتشريعية الأميركية تأثيرا على القرار الأميركي.
وقرار مجلس النواب هذا لا ينسف عملية السلام فحسب, بل يضع المنطقة على كف عفريت وهو انتقاص واضح من القيمة الديمقراطية الحقيقية لمجلس النواب كمؤسسة تشريعية أميركية .
فهذا القرار يوضح أن اسرائيل تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة لتغيير الواقع على الأرض, على حين تتكفل المؤسسات الأميركية بتغيير ونسف قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرارين 248 و338 ومبدأ الارض مقابل السلام, الذي يلزم اسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة الى خط الرابع من حزيران وتفكيك جميع المستوطنات فيها.
والمشكلة أن كل ذلك يتم وسط صمت دولي لاتخرقه سوى بعض الصيحات, وعبث عربي لايزال يتعلق بوهم السلام مع اسرائيل وبرعاية أميركية فاقدة لمصداقيتها.
لقد أبى مجلس النواب الأميركي إلا أن يضع لبنة في الحائط المرتفع في وجه السلام, وعلى الأغلب إن الكونغرس لن يفوت هذه الفرصة عندما يعرَض عليه القرار بدعم رسالة بوش لشارون لاسيما انه قادم الى انتخابات ايضا .