هذه الطريق.. طريق الحرير لم تكن طريقا تجارية فقط تحمل الحرير من الصين.. وتنقل اليها سيوف دمشق او مصنوعات بلاد الشام ونفائسها بماعرف عنها من جودة وإتقان بل كانت الى جانب ذلك تبادلات ثقافية وتمازجات حضارية بين شعوب عريقة مغرقة في القدم تحمل الفلسفة والحكمة والشعروالطب وسائر أنواع العلوم والفنون.
ولقد ترجم كثير من المؤلفات النفيسة من اللغة الصينية عبر لغات أخرى كالهندية القديمة والفارسية الى اللغة العربية, ونقلت فيما بعد مؤلفات عربية في الطب والفلك والملاحة وغيرها الى اللغة الصينية.. فكان ذلك من أهم مظاهر التمازج الثقافي بين الشعوب سعى اليه علماء العرب أخذا وعطاء حتى أن أسماء كثيرة لامعة لاتزال مذكورة بانتمائها العربي في آسيا كلها.
وما كان أعظمها من فوائد وأكثرها من عوائد.. ليس على المستوى المادي أو التجاري فحسب.. بل على المستويين الثقافي والحضاري. إن كل ذلك يدعى (علما).. والرسول الكريم يقول: » اطلبوا العلم ولو في الصين«..فما بالنا الآن ومنجزات العصر تفوق الخيال وتسهل كل ماكان عزيزا وصعب المنال?.. مابالنا الآن ونحن لانزال نحمل مشاعل حضارتنا.. بل وقدراتنا على التواصل مع الشعوب الحية والنابضة والتي تتفهم قضايانا.. وتدفع بمراكبنا في هذا الخضم الهائل من النزاعات نحو الحقوق المشروعة التي هي حقوق كل شعب حر.. في وطن حر.
إلا أن الطريق وإن كانت الآن ليست طريق الحرير.. بل طريق صراع مرير.. مزروع ليس بالصخور والأشواك فقط.. بل بالألغام والمتفجرات.. لكن الإرادة الحرة للشعوب الحرة هي التي تقرر المصير في طريق آخر للحرير.