وهذه الظاهرة لا تقف عند هذا الحد بل تتعداه لتصل إلى نبش المكبات المؤقتة والنهائية.. وبالتالي فإننا أمام مشكلة حقيقية لشبكة غير نظامية تستفيد من محتويات النفايات من زجاج وبلاستيك ومعادن وكرتون لتعيد الاتجار بها إلى ورشات ومعامل متخصصة في صناعة هذه المواد من جديد.
إذا كانت هذه الشبكة قد أفرزت عدة مهن وحلقات وسيطية من نبش وجمع وفرز وخزن ثم نقل وتسويق, فإن الضحية فيها والحلقة الأضعف هو ما نراه من استغلال للأطفال والنساء والمسنين في هذا العمل بشكل يبعث على الأسف.
ولهذا فإن الحلول الدائمة يجب ألا تتجه نحو النتائج والظواهر إنما نحو الأسباب, وهذا بدوره يطرح سؤالاً محدداً: هل نقمع ظاهرة نبش القمامة بوقتها الراهن.. وبالمقابل نبدأ بتطبيق خطة متكاملة للتعامل مع فرز النفايات سواء من المصدر أو عند المكبات النهائية?
والسؤال الآخر: هل يمكن لشركات خاصة أن تقوم بهذا النشاط.. أم بالإمكان دعم ميزانيات الإدارات المحلية المخصصة لإدارة النفايات لتكون قادرة لوحدها على القيام بهذه المهمة?
وفي الإجابة على هذه الأسئلة نجد تعميماً جديداً أصدرته مؤخراً وزارة الإدارة المحلية والبيئة على جميع المحافظات, لتشكيل فريق عمل من الجهات المعنية في كل محافظة, وبمؤازرة عناصر الشرطة للحد من انتشار ظاهرة نبش القمامة في أماكن رمي النفايات, والتي تؤثر سلباً على المظهر الحضاري والسياحي والبيئي, إضافة لما تسببه من أمراض خطيرة بالنسبة للمتعاملين معها, حيث إن معظمهم من الأطفال الذين يجهلون المخاطر التي يتعرضون لها نتيجة ممارسة هذا العمل, وأكد التعميم على قمع هذه الظاهرة ومعاقبة العاملين بها مع رفع تقرير شهري عن نتائج عمل اللجنة.
ونعتقد أن هذا الإجراء مهم لكنه غير كاف إذا لم ترافقه حلول متكاملة تبدأ من دعم الوحدات الإدارية في البلديات والمحافظات للتصدي لوجباتها اليومية في جمع وترحيل النفايات المنزلية إلى موقع المكب النهائي, لأنها بحاجة إلى المزيد من الآليات والعناصر.. وصولاً لتأمين خدمة شاملة لإدارة النفايات الصلبة تتضمن الأساليب المناسبة لفرزها وتحويل النفايات العضوية منها إلى سماد.