فالمشروع كان على شكل شركة مساهمة تهافت الناس للاكتتاب على أسهمها, أملاً في ايجاد سبيل مستقر لاستثماراتهم البسيطة, ففي الوقت الذي عرضت فيه الشركة الاكتتاب على 196 ألف سهم, تم الاكتتاب الفعلي على 346 ألف سهم, اي بزيادة 176% عن عدد الأسهم المحددة للاكتتاب العام. وكان دخول الدولة كمساهمة بنسبة 25% من الأسهم سبباً وجيهاً بأن تراءى للناس بأن الأمن لأموالهم والاستقرار ها هُنا قد صار..!! ففاق الاندفاع عما نراه اليوم على الاكتتاب بكثير.
ومع حالات الاغتباط التي عشناها في تلك الأيام من العام 1991 حيث تأسس هذا المشروع بقرار المجلس الأعلى للاستثمار رقم 1 /م س تاريخ 21/7/1991 بدأت حالات الانتظار والترقب لإقامة الشركة, فكل الدلائل كانت تشير الى نجاحها, ولاسيما أن فكرتها جاءت في ضوء حاجة سورية الى مادتي حمض كلور الماء, وكبريتات الصوديوم, وغيرها من المواد الكيماوية اللازمة للصناعات المختلفة المتنامية. وعلى هذه القاعدة تأسست شركة الكيماويات الصناعية م.م (الكيميا).. التي تعقد في العاشر من تشرين الأول الجاري, اجتماعاً لهيئتها العامة, الذي كان من المفترض ان يعلن فيه عن حجم الارباح التي حققتها هذه الشركة, غير ان الشيء المؤسف فعلاً هو ان هذا المشروع الذي تساهم فيه وزارة الصناعة الى جانب المواطنين المكتتبين, ورجال أعمال من سورية ولبنان والامارات العربية, لم يستطع ان يحقق شيئاً سوى استثمار فعال لفشل ذريع, وقد يعلن في اجتماع الهيئة العامة- حسب مصادر معنية- عن انهيار الشركة رسمياً, وبشكل كامل..!!
فبغض النظر عن اشكالات مكان اقامة الشركة, ما ان بدأت تنتج فعلاً حتى قامت وزارة الصناعة باحداث خط لانتاج حمض كلور الماء في شركة الورق بدير الزور..!! وحاولت ادارة شركة الكيميا مراراً وتكراراً, ان تقنع الصناعة -احد اهم اصحاب شركة الكيميا ذاتها- بتحويل الكلور المنتج في مصنعها الى كلور سائل.. ولكن .. دون جدوى..! فحصلت مزاحمة شديدة, وواجهت (الكيميا) صعوبات كبيرة ايضاً في تسويق منتجها إلى الشركة السورية للنفط التي تعد المستهلك الأكبر لهذا المنتج, فكانت تعلن عن مناقصات خارجية لاستيراد حمض كلور الماء, في الوقت الذي لا تقبل فيه ولا بأي شكل انتاج الشركة, ولا حتى دخولها بتلك المناقصات..!! وقس على ذلك..!
بكل الأحوال.. تراكمت المعاناة, وصارت الشركة تنتج دون ان تجد منفذاً لمنتجاتها إلا الى مستودعات التخزين.. فكان لابد ان تتوقف.
وها هو مبناها على طريق عام دمشق- حمص- منطقة حسياء, شاهد على حجم المأساة التي وصلت إليها هذه الشركة, فالصدأ يأكلها, ويلفها الخراب!!
منذ نحو سبع سنوات والفشل يعشش في اركان هذه الشركة وبعد اسبوع من الآن تماماً.. قد تقف على ارجلها.. ولكن المرجح ان يعلن عن انهيارها, لتشهد ساحة الاستثمار السورية انهيار المشروع الأول الذي تأسس على قانون الاستثمار..!!
كيف يسمح للأمور ان تصل الى مثل هذا الحد..?! ثم ما مصير اموال المواطنين, الذين أيقنوا.. وتورطوا بشراء الأسهم..?!
ومن يستطيع ان يجيبهم عن سؤال يلف رؤوسهم: هل انتهت شركتهم لمجرد تلك الاسباب.. أم كان لهدر الأموال وتبذيرها على حساب مساهمتهم.. دور آخر..?!