تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الاحد 3 /10/2004
رئيس التحرير د. فائز الصايغ
لا شك بأن العالم - ونحن منه - تابع تقرير الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة بالاهتمام اللازم وخصوصاً أن التقرير اعتمد الوقائع وتبيانها وإعادة التذكير بها , وخصوصاً الاتفاقات السورية- اللبنانية التي نظمت وشرعنت التعاون العسكري القائم بين البلدين ومراحله وإشارته إلى دور القوات السورية في تمكين لبنان من استعادة أمنه واستقراره.

ومن حقنا الطبيعي ,وحق المنطقة وشعوبها أن تعبّر عن دهشتها .. واستغرابها.. للحماسة التي يبديها مجلس الامن الدولي إزاء القرار رقم 1559 الصادر بالأكثرية. على الرغم من الالتباسات السياسية التي رافقت صدوره , والتجاهل التام لأربعين قراراً صادراً عن مجلس الامن بالاجماع , وستمئة قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وجميعها يطالب اسرائيل بالانسحاب من الاراضي العربية المحتلة, وإقامة سلام عادل وشامل في المنطقة فيما كانت اسرائيل تعلن بوقاحة رفضها للقرارات , وتكيل الاتهامات والإهانات لمجلس الأمن , ولدوله, ومنظمته الدولية, بلا حياء ولاوجل ولا احترام.‏

بيد أن القرار الوحيد الذي رحبت به اسرائيل ,وجاهرت في غبطتها إزاءه كان القرار 1559 وهذا يعني أن إسرائيل اعتبرت القرارات الأربعين الصادرة عن مجلس الامن بحقها, قرارات لاتنسجم مع أطماعها التوسعية ولا مع سياساتها الاستيطانية.فيما اعتبرت القرار ذاك قراراً يخدم مصالحها, ويعزز من امكاناتها لفرض الهيمنة والسيطرة على المنطقة والعرب.‏

وإذا كان من مأزق حقيقي إزاء هذه المفارقة الكونية العجيبة التي سببها صدور القرار المذكور, فإنه مأزق لمجلس الأمن نفسه, إذ كيف يمكن أن يتبنى مجلس الامن قراراً يعتبر في العرف الدولي انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة.. وتجاوزاً لاختصاصاته وانتهاكاً لسيادة دولة من الدول الاعضاء , وفي الوقت نفسه يتجاهل القرارات الصادرة بحق اسرائيل, ويقفز فوقها, ويغض الطرف عن موقف اسرائيل الرافض لها.‏

فهل يقوّي هذا القرار المسلوق على نار اسرائيلية حامية سلطة مجلس الأمن ,ويدعم دور الامم المتحدة ويعزز هيبة القانون الدولي أم يضعفها , وخاصة انه لم يحدث في تاريخ المنظمة الدولية أن تدخل مجلس الامن على هذا النحو بشأن سيادي محلي بحت أقره المعنيون بشؤون بلدهم ,وهم الأعرف بظروفهم وبتطلعاتهم وخياراتهم الديمقراطية عبر مؤسسة ديمقراطية معترف بها دولياً اختارت ما اختارت وقررت ما قررت.‏

ثمة قول يعقبه سؤال.. فقد حدد ريتشارد بيرل مساعد وزير الدفاع الاميركي السابق المعروف بولائه لإسرائيل وحماسته لها التي تجاوز فيها مصلحة بلاده حدد نظريته القائمة على (ما سمّاه فك الارتباط النظيف) بين سورية ولبنان بهدف اضعاف سورية في العالم العربي وتعزيز مكانة اسرائيل في المنطقة.‏

أما السؤال فهو.. هل يمكننا الربط بين الحماسة الطارئة لمجلس الأمن وبين نظرية بيرل بحيث يكون المطلوب شق وحدة الصف السوري -اللبناني للإفساح في المجال أمام التسرب الإسرائيلي والعبث الصهيوني والإرهاب الرسمي الذي يمارس علانية, وبمعرفة دول مجلس الأمن ذات العضوية الدائمة والمؤقتة ومنها العرب?‏

الأجوبة صعبة لكنها معروفة.. وصعوبتها لا تلغي معرفتها.. والنطق بما ينبغي أن يقال له زمان ومكان آخر!‏

أما السؤال الآخر اذا سمح لنا الأصدقاء الفرنسيون الذين يتمتعون بمكانة في الوطن العربي عموماً ,وفي سورية ولبنان على وجه الخصوص ,فهو.. هل يخدم الموقف الفرنسي الطارئ هذه المكانة أم ينال منها..? مع أن العالم العربي والاسلامي كلّه بهيئاته ومنظماته الرسمية وغير الرسمية هبّ ليشكل ضغوطاً هائلة على خاطفي الصحفيين الفرنسيين, والسبب هو تقدير العرب والمسلمين لمواقف فرنسا, فيما يوحي رد الجميل على عكس المراد وفي الاتجاه المعاكس..!!‏

ومع ذلك كله.. فلسنا بصدد التملص من صداقة فرنسا وشعبها, لا بل سنواصل حرصنا على ميراث غني بالتعاون العربي الثنائي والجماعي مع فرنسا ,كما لسنا بصدد القفز فوق قرار مجلس الأمن بقدر ما نعبر عن رؤيتنا الموضوعية للقرار المذكور, وأمل المنطقة وشعوبها والعالم الحر غير المنحاز أن تنفذ قرارات الشرعية حسب الاقدمية او الاولوية, كحزمة واحدة, تعيد الأمن والاستقرار الى المنطقة والعالم, ولا نعتقد ان وظيفة لمجلس الأمن منذ تأسيسه حتى اليوم غير وظيفة توفير الأمن والاستقرار, والمعيار الحقيقي هو هذا الخيار,فمن من دول العالم كلّه لا تريد الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة غير دولة العدوان المستمر اسرائىل..?‏

فهل تنفيذ الاربعين قراراً المتخذة بالاجماع أولى باهتمام مجلس الأمن أم القرار الإشكالي الأخير الذي سيتواصل تحليله وانتقاده ونقد انتقائيته باعتباره قراراً خارجاً عن المألوف?‏

 

 د. فائز الصايغ
د. فائز الصايغ

القراءات: 30395
القراءات: 30396
القراءات: 30398
القراءات: 30388
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30398
القراءات: 30398
القراءات: 30391
القراءات: 30395
القراءات: 30405
القراءات: 30392
القراءات: 30400
القراءات: 30390
القراءات: 30398
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30393
القراءات: 30396
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30391
القراءات: 30390
القراءات: 30391
القراءات: 30385
القراءات: 30394
القراءات: 30394
القراءات: 30392
القراءات: 30392
القراءات: 30399
القراءات: 30393
القراءات: 30393
القراءات: 30401
القراءات: 30394

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية