تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر

Attr

الثلاثاء 5 /10/2004
محمد علي بوظة
إنها لمفارقة كبرى ومرفوضة بإطلاق أن تصر دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة, ومن هم في مواقع المسؤولية ومراكز القرار فيها والمفترض فيهم التحلي بالمصداقية وتوخي الدقة والموضوعية في إيراد الحقائق كما هي,

ووضع الرأي العام الداخلي الممثلين له والخارجي على حد سواء بصورتها, بعيداً عن التحيز والتزوير والتشويه وإطلاق الأحكام المسبقة والقراءة بالعين الصهيونية, على ركوب الرأس والاستمرار في التعامي عن سياسة إسرائيل, وما ترتكبه يومياً من مذابح وفظائع بحق الشعب الفلسطيني الأعزل ومؤسساته وبناه التحتية, وأن ينصبوا من أنفسهم محامين ومدافعين أشداء عنها, ومشرعين لنهجها العدواني على الصورة المخجلة والمدانة الحاصلة, وبالشكل الذي يطلق العنان لمافياتها السياسية والعسكرية والاستيطانية, لمواصلة الإرهاب الدموي والعبث والمجون ونشر الموت والاغتيال والتدمير المبرمج للسلام?!‏

وحين تأتي الحقيقة في بعض وجوهها وإن لم تكن كاملة, على لسان أناس يشغلون مناصب عسكرية رفيعة في الجيش الصهيوني وفي سلاح الطيران, على شاكلة الضباط الأربعة الذين شارك سلاحهم مع الأسلحة الأخرى ولا زال, في تنفيذ العديد من المهام القذرة والقصف المركز والعشوائي للمدن والقري والمخيمات في الضفة الغربية وقطاع غزة, باستهداف لمدارس الأطفال والأسواق والأحياء والمناطق السكنية, وترد في سياق رسالة انتقاد وجهها لرئيس الأركان موشيه يعالون ونائبه دان حالوتس, تصف عمليات الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين الأبرياء والتدمير للمنازل بأنها عقوبات جماعية ولا أخلاقية, حين تأتي وفي لحظة لا يمكن القول بأنها نوعاً من الصحوة والمراجعة وتأنيب الضمير, فتلك اعترافات صريحة بحجم وهول الجريمة المرتكبة والمستمرة في الأرض المحتلة, وإدانة دامغة تسقط في أيدي أولئك الذين يتولون في واشنطن وداخل إدارة بوش, تسويغ وتشريع المجازر وحرب الإبادة الجماعية ووضعها زوراً في خانة ما يسمى ( محاربة الإرهاب وحق إسرائيل في الدفاع عن النفس) وتدحض هذه المقولات وتنسفها من أساسها.‏

الجميع يقر بواقعة أنه يمارس حكام تل أبيب الهروب باللجوء إلى التصعيد, كذلك حال حلفائهم في الولايات المتحدة الذين أشهروا إفلاسهم وأخلوا بالتزامات الدولة الراعية للعملية السياسية, ونفضوا أيديهم منها وانزلقوا في متاهات السياسة الصهيونية وحروبها ومشروعها, وراحوا من قبيل المداورة والتدمير يلقون التهم جزافاً ضد العرب والفلسطينيين مجملين إياهم تبعات ومسؤولية تعثر عملية السلام وانتكاسها, وتفجر دائرة العنف وتردي الأوضاع في المنطقة وإيصالها إلى ماهي عليه اليوم من اضطراب وفوضى وعدم استقرار.‏

وبطبيعة الحال فالتهم جاهزة والفزاعات أكثر من أن تعد, وشهادات حسن السلوك ينبغي أن تصك وتمهر بخاتم وتوقيع الحليفين الاستراتيجيين, ومحكومة بتقديم فروض الطاعة والإنضواء الصاغر تحت مظلتها, وما لم يتم ذلك فإن العرب والمسلمين جميعا على القائمة وهم ( إرهابيون) في نظر أميركا وحليفها إسرائيل, وحرياتهم وكراماتهم ودمائهم وأراضيهم موضع استباحة, وحتى أطفالهم في فلسطين أو العراق وأي مكان آخر أهداف مفترضة, يجب أن تقصف وأن تقتل وتمزق أشلاءها على سبيل الاشتباه والحروب الاستباقية, لئلا يتحولوا بعد سنوات إلى مقاومين في وجه الاحتلال, ويفكرو بالحرية والثأر لأوطانهم الجريحة وأرواح آبائهم وأمهاتهم والآلاف المؤلفة من الشهداء الذين سقطوا ويسقطون على مذابح الوطن.‏

صحيح أن لا أحد يعول في الوقت الحاضر على تغيير ما في السياسة الإسرائيلية حيال المنطقة والصراع, يخرج من عباءة إسرائيل وتبني مفاهيمها ولغتها والتورط في حروبها والضرب بعصاها واللعب بورقتها لا سيما وأنها على أعتاب استحقاق انتخابي لولاية رئاسية جديدة, لكن هذا لا يمنع من تكرار التحذير والقول: بأن السياسة الخاطئة والقصيرة النظر لن تفجر غير المزيد من براكين الغضب والكره لأميركا, ولن تستجر إلا المزيد من الحروب والكوارث والتهديد للسلام والتي لا نعتقد أن لأحد له مصلحة فيها..‏

 

 محمد علي بوظة
محمد علي بوظة

القراءات: 30275
القراءات: 30262
القراءات: 30296
القراءات: 30263
القراءات: 30261
القراءات: 30262
القراءات: 30262
القراءات: 30262
القراءات: 30264
القراءات: 30267
القراءات: 30269
القراءات: 30265
القراءات: 30268
القراءات: 30263
القراءات: 30259
القراءات: 30268
القراءات: 30268
القراءات: 30273
القراءات: 30262
القراءات: 30266
القراءات: 30275
القراءات: 30268
القراءات: 30262
القراءات: 30261
القراءات: 30259
القراءات: 30264
القراءات: 30275
القراءات: 30265
القراءات: 30264
القراءات: 30262
القراءات: 30274
القراءات: 30265
القراءات: 30261
القراءات: 30260
القراءات: 30272
القراءات: 30268
القراءات: 30259
القراءات: 30288
القراءات: 30270
القراءات: 30261
القراءات: 30269
القراءات: 30272

 

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية