واستطاعت الجهود المبذولة في توحيد واجهات سوق الحمراء, من إكسابه مظهراً حضارياً ,وما طال سوق الحميدية من إزالة التجاوزات والتعديات على الأملاك العامة, وإظهار الأعمدة والواجهات الحجرية وتجديد البنية التحتية من صرف صحي ومياه للشرب وتمديد كبلات الهاتف والكهرباء أرضياً, أعاد عبق الماضي للسوق وأضحى يشكل لوحة معمارية فتنت زوار دمشق ومحبيها.
وتستحق دمشق بمدينتها القديمة والأحياء المتواجدة خارج السور, عملاً دؤوباً يحافظ على ما أنجز ويتابع الخطا في مشاريع جديدة.
واقع الحال يظهر التلكؤ في إقلاع مشاريع جديدة , لا بل يطال التشويه ما تمّ إنجازه.
فبعد تجميل سوق الحمراء, كان من المفترض أن نشهد تجميلاً لأسواق الصالحية والقصاع على أقل تقدير, أما المدينة القديمة فوضعها ليس بحال أحسن, فنسيجها المعماري يتدهور والتشويه يطال أكثر من مكان فيها, وهذا الشارع المستقيم يؤكد بؤس حالها.
ودفعت حالة اللامبالاة التي تشهدها محافظة دمشق البعض إلى تشويه أعمدة وواجهات سوق الحميدية, عبر استخدامها لعرض السلع... فهل يغتال الجشع, الصورة التاريخية للسوق ويبدد كل الجهود التي بذلت لإعادة الحياة إليه?
ويبدو الترهل الذي أصاب أجهزة المحافظة واضحاً في التعامل مع الانتشار السرطاني للإشغالات على الأملاك العامة, فالباعة الجوالون اتخذوا من الأرصفة مواقع لنشاطهم, مما عرقل حركة المشاة وأثر سلباً على الحركة المرورية, التي تعاني أصلاً من أزمة خانقة أطبقت على المدينة.
وتجاوز العديد من أصحاب البسطات المساحة المرخصة, ملتهمين جزءاً من الطريق, غير عابئين بالأنظمة والقوانين طالما المؤتمن عليها يغط في سبات عميق.
إن محافظة دمشق قادرة على معالجة التلوث البصري في المدينة, في حال أقصت من لديه تشوه أخلاقي, وحفزت بالمقابل أصحاب الضمائر الحيّة, وهم أكثريّة, وبجهودهم يمكن إعادة الألق لدمشق الغالية على قلوب الجميع.