وأعلنت الحركة التصحيحية المجيدة فقابلها الجميع بارتياح وأمل عميقين لانجلاء الصورة..وظهور شخصية نادرة هي الرئيس الراحل حافظ الأسد لتتسلم زمام الأمور..,وتعيد الثقة إلى الشعب السوري بعد انتكاسه في حزيران عام 1967 بأن هذا الشعب هو جزء لا يتجزأ من الأمة العربية..وأنه قادر على أن يصنع النصر..وأنه يسجل في تاريخه أياماً تفتخر بها الأجيال..وهذا ما كان في تشرين الأول عام .1973
وبما أن المعركة كانت معركة تحرر وتقدم أولاً فقد استقبلت جماهير شعبنا ذلك التحول الكبير بكثير من الحماس والنشاط..فأخذت تعمل وتعمل على بناء الوطن على أسس راسخة من الإيمان بأن الشعوب الحية هي التي ترسم خطا مستقبلها وهي التي تحقق ازدهارها وتقدمها في اعتمادها الذاتي على قدراتها وإمكانياتها.
ونحن الذين عشنا تلك المرحلة بقلوب مفتوحة شهدنا كيف تأسست وترسخت المنظمات.. وكيف أرسيت قواعد المؤسسات التشريعية والتنفيذية..وكيف عرف كل مواطن دوره وموقعه..وماذا عليه أن يقدم في واقعه..وكان للفن والأدب والثقافة والمرأة حضور كبير..بعد ذلك اليوم الكبير..
عن المرأة وإظهار دورها في المجتمع أقول النذر اليسير..لأن حضورها الشاسع والكبير الآن هو ثمرة لتلك المرحلة..فها هي تثبت جدارتها وتمارس حقوقها في كافة الميادين حتى العسكرية منها.
أما عن الأدب والفن فقد كانت الرعاية لهما كاملة من خلال المؤسسات التي راعت الحقوق وكفلت الضمانات الاجتماعية والصحية, وكذلك التعويضات والمعاشات في أحوال التقاعد والشيخوخة. وما كان تقدير أوسع مما لقيه المثقفون والنخبة الواعية مما قدمه لها الرئيس الراحل..لقد كان يستمع إلى كل الأصوات..ويطلع على أكثر المعطيات بل المؤلفات, وقد يناقش أصحابها إذ يجتمع معهم لساعات..يقوّم ما يجب تقويمه ويبارك جهد من يجب أن تبارك جهوده..وكان احترامه واضحاً لأصحاب الأقلام والمواهب والإبداع..يكرمهم.. ويتفقد أحوالهم..ويمد لهم يد المساعدة إن ضاق بهم زمانهم.
أطياف تتراءى لنا من تلك الأيام التي ما ضاعت مع الأيام ونحن ننهض الآن في استمرار لمضاعفة الجهود لصون وطننا ولكي نضعه على خارطة التطوير والتحديث كما يقتضي هذا الزمن الحديث الذي لم يعد يعترف إلا بمقاييسه..ولم يعد يزن الشعوب إلا بموازينه في الاقتصاد كما في الاجتهاد..وفي اللحاق بالركب حتى السبق.
أطياف لا تعيد لنا الذكرى فحسب..بل هي الحافز للحفاظ على منجزاتنا..والحرص على ما كسبناه وحققناه.
أطياف من الماضي...لكنها الحاضر.. وهي المستقبل أيضاً.